■ سأشتاق إليك وإلى سهراتنا ومشاغباتنا الدائمة صديقي العزيز خالد خليفة... كم كنت مفعماً بالحياة في مواجهة كلّ هذا الموت... من دون مشقّة ومن دون كراهية ومن دون أيّ سكاكين (سمير العيطة)

■ ظالمة هي الحياة، وظالم الموت أكثر.. وداعاً أيها الصديق الجميل والكاتب الرائع خالد خليفة.. والعزاء أنك عشت بحبك للحياة أكثر من حيوات كثيرة مجتمعة
(سامر أبو هواش)

■ في عام 1997 أو ربما قبله أو بعده بقليل، لست أذكر تماماً، كنت أعمل في «دار المدى للثقافة والفنون» في مقرّها الكائن في منطقة ركن الدين الدمشقي. كنت قرأت للتو «خريف البطريرك» الذي ترجمه محمد علي اليوسفي. وذات نهار صيفي، دخل إلى الغرفة الصغيرة المواجهة للمدخل، كاتب شاب معروف في الوسط الثقافي والفني، تعرّفت إليه في «مقهى الروضة»، هو خالد خليفة حاملاً مخطوطة رواية سماها «دفاتر القرباط». والقرباط هم الغجر. كان يودّ نشرها في «المدى». كنت أقرأ معظم المخطوطات التي ترد الدار للنشر. قلت لخالد خليفة: «انتظرني بضعة أيام حتى أقرأ المخطوط». وقد قرأت لخالد قبل ذلك رواية اسمها «حارس الخديعة» لم أستطع التفاعل معها، وهي تحمل ثغرات التجارب الأولى للكتابة. لكن «دفاتر القرباط» كانت رواية جميلة ومؤثرة، تفاعلت معها وجذبتني إلى أجوائها الأسطورية والساحرة. وتعود بأمكنتها إلى حلب التاريخية وأسرها ونسائها ومعاناة بشرها، لكنني لاحظت أن الرواية تقع تحت هيمنة ماركيز وطريقته في القص، في «مائة عام من العزلة»، و«خريف البطريرك»، و«قصة موت معلن» و«الحب في زمن الكوليرا» وغيرها من الروايات والقصص. إلا أنني لم أتجرأ على التوصية بنشرها لأن الرواية تدين بشكل واضح الواقع الحزبي والسياسي في سوريا. وهو خط أحمر أعرفه جيداً، فقلت لخالد رأيي بذلك لكنني أخبرته بالحقيقة، ثم تابعت لخالد مسلسل سيرة آل الجلالي الذي أخرجه هيثم حقي، وكان يعرض على شاشة التلفزيون السوري، وتمتعت كثيراً بحلقات المسلسل، وشخصياته الحلبية، وتقلبات حياتها وفضائها الاجتماعي. غادرت سوريا إلى العراق، مودعاً كتّابها وأماكنها ومقاهيها، وسمعت بوصول رواية خالد خليفة «في مديح الكراهية» إلى القائمة القصيرة لـ«بوكر» في عام 2008، ولم أقرأها حتى اليوم. لكن في عام 2014، وبعد وصول روايته «لا سكاكين في مطابخ المدينة» إلى القائمة القصيرة لـ «بوكر»، تهيأ لي نسخة «بي. دي. أف». لم أقرأ خالد خليفة منذ «دفاتر القرباط». لذلك جئت إلى رواية «لا سكاكين في مطابخ المدينة» بفضول، وخصوصاً هي تتنافس مع رواية كاتب عراقي هو أحمد سعداوي وعنوانها «فرانكشتاين في بغداد». كنت أريد معرفة التطور الذي سار فيه خالد في كتابة الرواية بعد «حارس الخديعة» و«دفاتر القرباط». وجدت تأثير ماركيز ما زال لاصقاً بنمط خالد في كتابة الرواية، وهو أمر لم يدهشني كثيراً، كون معظم الكتاب العرب تأثروا، بهذه الطريقة أو تلك، بأسلوب ماركيز في القص.
(شاكر الأنباري)

■ حاولت ألا أصدّق خبر وفاة خالد خليفة! وأمام هذا الفيض من العتب على رحيله المبكر والصاعق بدا الأمر حقيقة! نعم الأمر مدعاة لمعاتبته! لا بل ما باليد سوى معاتبته هو بالذات على رحيله المبكر والخاطف، ومع انقضاء هذا العتب بدا التقوّي بالذكريات أفضل ما يمكن فعله، فهو أجمل صنّاعها ممزوجة بالبهجة دائماً، مستعيداً أول مرة التقيته في «مقهى السويس» في اللاذقية ربما أواسط التسعينيات حين كنت طالباً في الجامعة. أتذكر أبو جورج نادل المقهى الشهير بحفظه طلبات زبائن المقهى إلى أبد الآبدين، وأنا طبعاً من الزبائن الدائمين متشبهاً بمثقفي تلك الحقبة. وها أنا جالس مع الروائي خالد خليفة وكان قد صدّر روايته الأولى «حارس الخديعة»، التي قرأتها حينها كما لو أنها جملة شعرية واحدة من بدايتها إلى نهايتها. أحضر أبو جورج لي كعادته فنجان قهوة سادة وسأل خالد عن طلبه، فعلّق خالد قائلاً بلكنة حلبية خفيفة: «طلعت شغلتك كبيرة هون يا أبو الزوز». وفي اليوم الثاني اتصل بي من المقهى، وقال: «طلعت لا شغلتك كبيرة ولا شي، من شوية جبلي أبو جورج فنجاني القهوة من دون ما أطلب». الآن مقهى السويس اختفى وأبو جورج أصبح لاجئاً في السويد.... ويا إلهي أبو الخلود مات... وسورية!
(زياد عبد الله)

■ سكنت حكايات خالد خليفة قلوب غالبية من قرأها، فكانت قريبة مثل عمة حنونة وموجودة بقوة ككتف صديق نادر. رواياته ليست مثل الكثير من بنات جيلها مجرد تهويمات عن مجتمع متخيّل، وأفكار تحاول شقّ طريقها في زحمة مقاربات مسبقة ومعادلات من درجة الخير المطلق يواجه الشر المطلق. لم يُقحم خالد نفسه في ما لا يعنينا، كسوريين وكبشر، كتب عنّا وعن عائلاتنا وبيوتنا وسير أماكننا، بلا تكلف ولا تذاكٍ ولا متاجرة.
(أنس ناصيف)

■ وأنت تحاول أن تبني العالم من جديد، أن تسحب الكراهية من الخبز والشمس والطرقات وقلوب الأصدقاء وقلوب الأعداء، تفتّت الطين، وتفتّت طينك الطيب يا صديقي، أشهد أنك حاولت بكل إيمانك بالحب، وأشهد أن قلبك دلّك على الطريق الصحيح، أصدقاؤك ومحبوك يلوّحون الآن لسفينتك الراحلة، ونعلم أيها القبطان أنّ ابتسامتك ستظل عالقة في الميناء.
(أنور عمران)

■ رحل خالد خليفة وهو يكتب رواية عن اللاذقية. وداعاً يا خالد. أيضاً المدن التي أحببتها أحبّتك. العزاء لمحبيه وقرّائه في كل مكان.
(سومر شحادة)

■ كيف يمكن لهذه الحياة، الواسعة والكثيرة، أن تنقصف بخبر واحد؟ سلاماً خالد خليفة.
(حسن داوود)