مع انهيار هالة التفوق الرقمي التي تفاخر بها كيان الاحتلال ذات يوم قبل عملية «طوفان الأقصى»، يحاول القطاع التكنولوجي الإسرائيلي فعل كل ما يردّ له اعتباره. استجابة لذلك، أُنشئت أخيراً «غرفة الحرب الرقمية» يديرها خبراء ومحلّلون في مجال التكنولوجيا المتقدمة، مهمتهم مسح منصات التواصل الاجتماعي كلها بحثاً عن صور أو فيديوات تقدم لهم لو تلميحاً بسيطاً عن مكان تواجد الإسرائيليين الذين أسرتهم حركة «حماس».وفقاً لتقرير نشرته «رويترز» قبل أيام، يجوب «غرفة الحرب الرقمية» التي تتّخذ من تل أبيب مقرها، خبراء متطوّعون يتولّون تحليل المواد البصرية المنتشرة على الإنترنت للمساعدة في تحديد مكان المفقودين داخل كيان الاحتلال بعد عملية «طوفان الأقصى»، إلى جانب استخدام الذكاء الاصطناعي وأنظمة التعرف إلى الوجه والصوت للمساعدة في تحديد هوية الأسرى.


وفقاً لتقرير نُشر في 18 تشرين الأول (أكتوبر) على موقع nocamels الإسرائيلي، يتكوّن الفريق من حوالى 300 متطوع من عدد من شركات التكنولوجيا الفائقة الإسرائيلية. ويقول أحد مؤسسي هذه الغرفة، غال فيكسيلمان، وهو المدير التنفيذي لشركة برمجيات في تل أبيب: «في ذلك اليوم الدموي (عملية طوفان الأقصى)، كان هناك كثير من مقاطع الفيديو والصور من الموقع نفسه، ومن غزة ومن إسرائيل... نُشرت على منصات وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة». ويضيف: «كانت الفكرة هي محاولة العثور على أدلة ومعلومات عن المختطفين من وسائل التواصل الاجتماعي». ووفقاً للموقع المختص في التكنولوجيا الإسرائيلية، تستخدم المجموعة مزيجاً من العيون البشرية والذكاء الاصطناعي للتعرف إلى الوجه لاكتشاف الإسرائيليين في اللقطات المتاحة، بما في ذلك مقاطع الفيديو التي صورها مقاتلو «حماس» أثناء قيامهم بعملية الأسر. ويقول فيكسيلمان إن المتطوعين يقومون بمسح مواد بصرية في كل مكان، من تليغرام وX (Twitter سابقاً) إلى فايسبوك وإنستغرام. وبالإضافة إلى ذلك، تستخدم المجموعة التعلم الآلي لتدريب الخوارزميات لمحاولة اكتشاف الأشخاص الذين اختُطفوا. وكشف فيكسلمان أن هناك عالم بيانات في الموقع يُشغّل خوارزمية التعلم الآلي للتعرف إلى الوجه. يعمل هذا الشخص بالتعاون مع متطوعين من أنحاء العالم جميعها، كتبوا تعليمات برمجية محددة للمساعدة في هذا المسعى.
جاءت فكرة «غرفة الحرب الرقمية» من مجموعة تدعى «إخوة السلاح»، وهي شبكة من جنود الاحتياط في «جيش» الاحتلال الإسرائيلي، كانوا قبل أسابيع ينسقون احتجاجات رفاقهم ضد قانون الإصلاحات القضائية التي مررته حكومة رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، والسابقة لعملية «طوفان الأقصى». يوضح فيكسيلمان لموقع nocamels أنّ المعلومات التي يعثر عليها المتطوعون تُنقل إلى سلطات الاحتلال من دون تحديد القنوات الأمنية التي يعملون معها.
يمثل قطاع التكنولوجيا في كيان الاحتلال، ما يقرب من خمس الناتج المحلي الإجمالي السنوي، ما يجعله القطاع الأكثر إنتاجاً وفقاً لـ«هيئة الابتكار الإسرائيلية». ويشكل قطاع التكنولوجيا أيضاً حوالى 10% من إجمالي القوى العاملة.
لا بد من التذكير هنا أنّ قطاع التكنولوجيا في كيان الاحتلال، الذي قيل عنه ذات يوم إنه وادي السيليكون الإسرائيلي، جاءت غالبية موظفيه من «الجيش» أو من الاستخبارات العسكرية وتحديداً الوحدة 8200. ووفقاً لتقرير نشرته شبكة «سي. أن. أن» في 13 تشرين الأول، أي بعد أيام قليلة على استدعاء كيان الاحتلال جنود الاحتياط، تبيّن أن شركات قطاع التكنولوجيا الإسرائيلية فرغت من حوالى 10 إلى 30 في المئة من العاملين فيها. أضف إلى ذلك أنّ مقالاً نشرته صحيفة «هآرتس» العبرية في 19 تشرين الأول، كشف عن أزمة «هجرة أدمغة» من داخل أقسام الاستخبارات في «جيش» الاحتلال إلى الشركات الخاصة في السنتين الماضيتين، أي إن تعاظم قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي الخاص، أتى على حساب «جيش» الاحتلال. وتورد الصحيفة العبرية: «ضربت هجرة الأدمغة مجالات الإنترنت والاستخبارات». هذا النقص في المواهب «أضر باستعداد إسرائيل وأعاق أيضاً رد فعلها بعد وقوع الحدث».