نشر موقع «يورونيوز»، أوّل من أمس، تقريراً يتحدّث عن انتشار مصطلح Pallywood، اختصاراً لـ «فلسطين ــ هوليوود»، في إشارة إلى أنّ سكّان غزّة «يفبركون» إصاباتهم وخسائرهم! وتتهم حسابات تابعة لكيان الاحتلال على منصّتي تيك توك وX (تويتر سابقاً)، تحت وسم Pallywood#، الفلسطينيين باستخدام ممثلين لتزييف إصاباتهم من أجل إثارة التعاطف عبر الإنترنت.
(ميكايلا بولوك ــ أستراليا)

وأكثر الفيديوات المنتشرة تصوّر شخصاً فلسطينياً بُترت رجله بعد استهدافه من قبل الاحتلال وتقول إنّه كذبة، في حين أن «يورونيوز» تثبّتت من الأمر، وتوصّلت إلى نتيجة تفيد بأنّ المُصاب نجا فعلاً من مداهمة لمخيم للاجئين من قبل قوّات الاحتلال في الضفة الغربية في تموز (يوليو) 2023. معركة الرأي العام على منصات التواصل الاجتماعي تتغيّر على مدار الساعة. وكلّما اشتدت قوّة المقاومين في غزّة ضد جيش الاحتلال، ازدادت الفبركات الإسرائيلية الهادفة بصورة أساسية لكسر فكرة المقاومة وصورتها. بعد مرور 23 عاماً على قتله الطفل محمد الدرة، لا يزال العدو الإسرائيلي حتى هذه اللحظة ينفي الأمر، مؤكّداً أنّ الأمر حصل برصاصة «من الجانب الفلسطيني». وعندما اغتالت إسرائيل مراسلة قناة «الجزيرة»، شيرين أبو عاقلة، كذّب الاحتلال بداية مدعياً أنّها استُشهدت برصاص من الجانب الفلسطيني ليعود ويعترف بأنّ جنوده هم الفاعلون عن «طريق الخطأ». ربّما ما يميز الجيل السابق ممن عاصر وتابع كيفية عمل قوات الاحتلال الإسرائيلي، أنّه مدرك لألاعيبه القذرة الخبيثة التي تلوم الضحية. لكن الجيل الجديد الذي يرى ويشاهد حرب إسرائيل على غزة عبر السوشال ميديا، معرّض لاستهلاك فيديوات أنتجتها الاستخبارات الإسرائيلية، وتهدف بشكل رئيسي إلى زرع فكرة أن هناك مؤامرة كبيرة على عقله، وأنّ هذا الفيديو يكشف زيف إصابات الفلسطينيين. أمر هدفه النهائي إبعاد الشباب عن القضية الفلسطينية وترك الشعب الفلسطيني يواجه أحقر جيوش الأرض وحده.
تطبيق تيك توك ليس بعيداً عن الحقارة الإعلامية الإسرائيلية، المستفيدة من ولع الشباب بها. بالنسبة إلى الفئات الشابة، تيك توك هو أكثر من تطبيق يعرض الفيديوات. هو محرك بحث يستخدمونه بدلاً من غوغل، وهو وسيلة يمكن جني المال عبرها. مع تواصل حرب إسرائيل على غزة لليوم الـ 28، برزت ظاهرة مثيرة للجدل على هذه المنصة. إذ يظهر مستخدموها في بثّ مباشر يصوّرهم منخرطين في «مباريات» بين مؤيد لفلسطين وبين مؤيد لكيان الاحتلال. خلال البثّ، يقدم المشاهدون الهدايا لهم التي يمكن تحويلها إلى مال حقيقي لاحقاً. وفي الوقت نفسه، يحصل تيك توك على 50 في المئة من الأرباح.
يتحدّث تقرير نشره موقع Wired في 27 تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي بإسهاب (ميكايلا بولوك ــ أستراليا) عن هذه الظاهرة، ويقدّم عشرات الأمثلة عن تلك «المباريات». ويخُص بالتحديد اثنين من صانعي المحتوى يجنيان أكثر الأرباح من هذه الظاهرة. الأوّل تركي يدّعي أنه يمثل الفلسطينيين، ويواجه مستخدماً يونانياً ــ جورجياً يدّعي أنه يمثل كيان الاحتلال. ووفقاً لـ Wired، لم تُلاحظ في كل تلك «المباريات» صلة واضحة بين المستخدم والفريق الذي يمثله. ولم يُشر أي من هؤلاء جميعاً إلى أنّهم سيتبرعون بتلك الأموال لأي جهة. عملياً، هم مستفيدون من حجم الاهتمام الكبير حول العالم بحرب إسرائيل على غزة، ويحاولون جني المال عبر صنع «مباريات» كلامية في شكل تحدٍّ أمام جمهور يتم الصراخ عليه باستمرار للتبرّع بهدايا باهظة الثمن. والجانب الذي يحصل على أكبر عدد منها بعد خمس دقائق يفوز بالمباراة.
جانب آخر مقزّز منتشر بشكل واسع على تيك توك، يتمثّل في فيديوات يتقمّص صانعوها الإسرائيليون فلسطينيين من قطاع غزة. وفقاً لتقرير نشره موقع «ماشابل» عن هذه «الترند»، فإنّ هذه المقاطع المصوّرة المنتشرة على نطاق واسع هي «استهزاء حرفي بالمأساة». إذ يظهر فيها أشخاص يسخرون من جوانب مختلفة من معاناة الفلسطينيين بما في ذلك نقص الكهرباء والغذاء والمياه وخسارة الأبناء وغيرها، حتى إنّ أحدها يشارك فيه أطفال في إشارة إلى أطفال غزة.