رغم كلّ محاولات التضليل التي تسود المشهد الإعلامي التقليدي الغربي، وتبنّي جزء كبير من المشاهير الأجانب للرواية الإسرائيلية في العدوان على غزة، تعلو المزيد من الأصوات الرافضة للوحشية والإبادة التي يمارسها العدّو بحقّ المدنيين. في الفترة الماضية، برزت مطالبات شفهية ومكتوبة من فنانين ومثقفين (وخصوصاً في بريطانيا والولايات المتحدة) لوقف إطلاق النار، قبل أن تأخذ هذه الدعوات حالياً أشكالاً مختلفة وأكثر وضوحاً، وإن كانت لها أثمان باهظة.
سوزان ساراندون

في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، لفتت النجمة الهوليوودية سوزان ساراندون الأنظار خلال مشاركتها في التظاهرة الحاشدة في واشنطن مرتديةً الكوفية الفلسطينية. صعدت الممثلة الأميركية إلى المنصة المخصّصة لإلقاء الكلمات والهتافات، وقالت إنّه ليس ضرورياً أن تكون فلسطينياً لتهتم لما يحدث من مذابح في غزة. ثمّ أضافت على X (تويتر سابقاً): «أنا أقف مع فلسطين. لا أحد حرّ حتى يتحرّر الجميع». علماً أنّها كانت من بين العشرات من نجوم هوليوود والشخصيات الفنية والثقافية الذين وقّعوا على عريضة تُطالب إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف العدوان. وقبل أيام، عوقبت عارضة الأزياء الأميركية من أصل فلسطيني، بيلا حديد، على موقفها الداعم لشعبها، إذ استبدلتها دار «ديور» الفرنسية بالإسرائيلية ماي تاغر، بعدما كانت وجهها الإعلاني وأوّل سفيرة لها منذ عام 2016.
من ناحيتها، قالت المغنية والممثلة وسيدة الأعمال الأميركية، سيلينا غوميز، عبر خاصية الـ «ستوريز» على حسابها على إنستغرام، إنّها كانت في استراحة من وسائل التواصل الاجتماعي لأنّ «قلبي ينكسر لرؤية كلّ الرعب والكراهية والعنف والإرهاب الذي يحدث في العالم... تعرّض الناس للتعذيب والقتل أو أي عمل من أعمال الكراهية هو أمر مروّع، ونحن بحاجة إلى حماية جميع الناس وخاصة الأطفال ووقف العنف من أجل أن يعمّ الخير».
وبعد ساعات، أعلنت علامتها الخاصة بمستحضرات التجميل Rare Beauty، عبر حسابها على إنستغرام، تبرّعها بالمال لمنظمات الإغاثة الفلسطينية. وجاء في المنشور الصادر يوم الإثنين الماضي تحت عنوان «الأزمة الإنسانية في غزة»: «لقد دمّرتنا الصور والتقارير القادمة من الشرق الأوسط. لقد قُتل آلاف المدنيين الفلسطينيين الأبرياء في الغارات الجوية الإسرائيلية، وهُجِّر ملايين المدنيين وتُركوا من دون غذاء أو ماء أو دواء أو ضروريات أساسية للبقاء على قيد الحياة. وعدد كبير من هؤلاء الضحايا هم من الأطفال. يجب حماية المدنيين الفلسطينيين».
من جهتها، تحدّت خبيرة التجميل ورائدة الأعمال الشهيرة، الأميركية ذات الأصول العراقية هدى قطّان، الاحتلال الإسرائيلي معلنةً عن تبرّعها لمصلحة غزة بمبلغ مليون دولار أميركي.
وقالت مالكة العلامة التجارية «هدى بيوتي»، عبر إنستغرام: «نحن ملتزمون بالمساعدة بأي طريقة. ونظراً إلى الحصار الحالي والتحديات الإنسانية، كان من الصعب إيجاد طرق لدخول المساعدات إلى غزة، لكننا ملتزمون بإيجاد طريقة للوصول إلى الناس هناك». وكعادته، سجّل البريطاني رودجر ووترز، موقفاً سياسياً صارخاً، وهو الذي يُعتبر أحد أبرز الفنانين الداعمين للقضية الفلسطينية الذين واجهوا الكثير من الهجوم والتضييق والاتهامات بـ «معاداة السامية والعنصرية». الفنان الذي شارك في تأسيس فرقة الروك البريطانية الأسطورية «بينك فلويد»، رأى أنّ «طوفان الأقصى» وجه من «أوجه مقاومة الاحتلال». وفي مقابلة مصوّرة مع الصحافي الأميركي غلين غرينوالد، سُئل ووترز عن ردّ فعله الأوّل على العملية، فأجاب: «قلت دعونا ننتظر ونرى ما الذي حدث. وكان ردّ فعلي الثاني هو: كيف بحق الجحيم لم يعرف الإسرائيليون أن هذا سيحدث؟».
وعمّا إذا كان ممكناً تبرير هجوم «حماس»، أكّد: «نحن لا نعرف ما فعلوه حقاً. لكن هل كانت مقاومة الاحتلال مبررة؟ الإجابة نعم، هذا ما تنص عليه اتفاقية جنيف... ومن الناحية الأخلاقية، عليهم أن يقاوموا الاحتلال... هذا واجبهم». كما تحدّث عن المجازر التي يتعرض لها الفلسطينيون على يد الاحتلال الإسرائيلي بالقول: «عمري 80 عاماً، وهذا هو أفظع شيء يحدث أمام عيني. ومع ذلك، فإنّ الحكومة الأميركية وكلّ الدول التابعة لها في أوروبا تعطي الإسرائيليين تفويضاً مطلقاً للقتل».
في إطار محاولاته اليائسة لاستعادة تعاطف الرأي العام العالمي، يبدو أنّ الاحتلال يستعين بالنجوم لتلميع صورته. هكذا، تعتزم الممثلة والمجنّدة الإسرائيلية السابقة، غال غادوت، عرض فيلم (40 د) أمام نجوم ومسؤولين هوليووديّين، يروّج للأكاذيب الإسرائيلية حول قطع الرؤوس والذبح في عملية «طوفان الأقصى» في السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي، في محاولة لتبرير الإبادة الإسرائيلية الحاصلة في غزة. أشرف على تنفيذ الشريط المخرج غاي ناتيف الذي وقّع فيلم «غولدا»، من دون تحديد مكان وزمان العرض خوفاً من ردود الفعل.