في حلقة حديثة من بودكاست ليكس فريدمان الشهير (حلقة رقم 400 نُشرت يوم الخميس الماضي)، شارك الرئيس التنفيذي لشركة «تيسلا»، إيلون ماسك، وجهة نظره المتفرّدة حول الحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ومواجهة حركة المقاومة الفلسطينية «حماس». كلام احتفى به بعض المتحمّسين، إمّا لأنّهم سمعوه مقتطعاً أو لم يضعوه في سياقه العام. فقد اقترح الملياردير الجنوب أفريقي نهجاً غير تقليدي لتحقيق سلام طويل الأمد في المنطقة. تطرّقت المحادثة إلى آراء ماسك بشأن الحرب الحالية، والتكتيكات التي تستخدمها حماس، وأهمية التقليل من المعاناة الإنسانية.بدأ ماسك حديثه في هذا المجال موضحاً التعقيد الذي تتسم به منطقة الشرق الأوسط، وخصوصاً في «إسرائيل». وشدّد على غياب الإجابات السهلة في القاموس عندما يتعلّق الأمر بالتحديات التي تواجهها المنطقة. ووفقاً لماسك، كان «هدف «حماس» هو إثارة رد فعل مبالغ فيه من جانب إسرائيل» عبر عملية «طوفان الأقصى» في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وأضاف أنّ «حماس» ربّما «لم تتوقع نصراً عسكرياً»، إلا أنّها سعت إلى «ارتكاب أسوأ الفظائع التي يمكنها القيام بها حتى تثير رد الفعل الأكثر عدوانية من إسرائيل، ثم تستفيد منه لحشد المسلمين في جميع أنحاء العالم من أجل ذلك» على حد تعبيره. وهي استراتيجية قال ماسك إنّ «حماس» نجحت فيها.


وفي معرض جوابه حول رأيه في حالة الصراع المستمر بين كيان الاحتلال والشعب الفلسطيني، اقترح ماسك استراتيجية غير تقليدية من جانب الصهاينة، تتمثّل بأن تقوم إسرائيل بـ «أبرز أعمال اللطف الممكنة»، للتصدي بفعالية لأهداف «حماس». وتابع أنّ هذا النهج لن يشمل فقط تحديد أعضاء «حماس» والتعامل معهم، بل يجب أيضاً القيام «بأفعال طيبة واضحة». ويشمل ذلك توفير الخدمات الأساسية، بما في ذلك إنشاء مستشفيات متنقلة وضمان توافر الغذاء والماء والضروريات الطبية. وشدد على ضرورة الشفافية في هذه «الأعمال الطيبة»، مقترحاً استخدام كاميرات الويب لبث الجهود على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. فالهدف هو أن تكون هذه الأعمال واضحة حتى لا تتمكن «حماس» من الادعاء بأنّها «خدعة». وعلى حد تعبير ماسك، ينبغي لإسرائيل أن تستجيب بـ «لطف لا يمكن إنكاره»، لأنّ مبدأ «العين بالعين يجعل الجميع عمياناً».
وفي مواجهة التحدّي المتمثّل في «إحلال سلام طويل الأمد»، طرح ماسك سؤالاً مهمّاً: «كم شخصاً خلقت في مقابل كل شخص تابع لـ «حماس» تقتله إسرائيل؟». وأضاف: «إذا قتلت طفلاً في غزة، فقد خلقت على الأقل عدداً من أعضاء «حماس»». وإذا كان هدف الصراع هو إحلال السلام، اعتبر ماسك أنّه يتعيّن على إسرائيل أن تسأل نفسها: «هل يتم خلق عدد أكبر أو أقل من الإرهابيين؟». بمعنى أنّ أفعال الاحتلال الوحشية تلد المزيد من مقاتلي المقاومة الفلسطينية. وبالتالي، رأى أنّ الكيان الغاصب يقتل عدد مجاهدين أقل مما تخلقه أفعال كيان الاحتلال، مشيراً في الوقت نفسه إلى خطر خلق المزيد من مقاتلي «حماس». واختتم ماسك حديثه بالتأكيد أنّ الهدف النهائي يجب تقييمه مع مرور الوقت، مع الأخذ في الحسبان ما إذا كان هناك «عدد أكبر أو أقل من الإرهابيين الذين يتم خلقهم».
هذه ليست المرّة الأولى التي يدخل فيها ماسك على خطّ الحرب الإسرائيلية على غزة. في الشهر الماضي، واستجابة لحملة واسعة على السوشال ميديا تزامناً مع قطع الاتصالات والإنترنت عن القطاع، عرض توفير خدمة إنترنت «ستارلينك» من شركة «سبايس إكس» التي يملكها في غزة لمساعدة مجموعات الإغاثة الدولية والمدنية. خطوة أثارت حفيظة إسرائيل طبعاً.
ما صرّح به ماسك يتماهى بالشكل مع أقوال دونالد ترامب


الجدير ذكره أنّ ما قاله ماسك لفريدمان، يتماهى بالشكل مع ما قاله الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أخيراً حول غزة في مقابلة مع Univision: «أعتقد أنّه على إسرائيل القيام بعمل أفضل في العلاقات العامة، بصراحة، لأنّ الجانب الآخر يتفوّق عليها على جبهة العلاقات العامة». أي إنّ مالك منصة X (تويتر سابقاً)، والرئيس اليميني السابق يعتقدان أنّ مشكلة الصراع الإسرائيلي ــ الفلسطيني يمكن حلها عبر إظهار أنّ إسرائيل «كيان لطيف»، يقدم المساعدة ولا يريد سوى الخير لشعوب المنطقة، لكنه يعاني من مشكلة في إظهار هذا الجانب الإنساني المُرهف على الشاشات ومنصات التواصل.
في ما يعنينا، نحن من تُدمى قلوبنا يومياً على أحوال شعب غزة، وآخرها الأخبار الآتية من «مجمّع الشفاء الطبي» حيث تنهش الكلاب الضالة جثث الشهداء حول المكان بسبب رفض الاحتلال السماح بإخراجها، لن يخدعنا ملياردير قفزت منصة السوشال ميديا التي يملكها (X) صعوداً في أعداد المستخدمين بسبب سماحه للطرفين بالتعبير عن آرائهم. هو مستفيد من الحرب، مثله مثل المجمع الصناعي العسكري الأميركي. وكلا، ليست مشكلة إسرائيل أنّها لا تُظهر لطفاً بما فيه الكفاية. هي كيان احتلال، وستبقى فرقة عسكرية تتفنن في إبادتها الممنهجة للشعب الفلسطيني.