وصل إيلون ماسك يوم الإثنين، إلى كيان الاحتلال للقاء المسؤولين ومشاهدة المواقع التي استهدفتها «حماس» في عملية «طوفان الأقصى» في السابع من تشرين الأول (أكتوبر). أتت الزيارة في وقت يواجه فيه ماسك تداعيات دعمه «منشوراً معادياً للسامية» (20/11/ 2023) على منصة X في وقت سابق من الشهر الحالي، ما أدى إلى نزوح جماعي لكبار المعلنين عن المنصّة، على رأسهم IBM و«آبل» و«ديزني» واستوديو الأفلام «لايونزغايت» وغيرهم. أما بالنسبة إلى قادة الاحتلال، فكان اللقاء فرصة لإيصال سرديّتهم المزيّفة عن الحرب والتغطية على الهزيمة عبر استخدام مالك X، مع كل ما يمثله من قاعدة شعبية حول العالم.

جال إيلون ماسك ورئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو في «كيبوتس كفار عزة» بمرافقة أمنية، حتى إنّ الملياردير الجنوب أفريقي ارتدى سترة عسكرية. عُرضت على ماسك صور وفيديوات التُقطت خلال هجوم «حماس» وبعده. بعد الزيارة، جرت محادثة بين الرجلين بُثّت بشكل صوتي ومباشر على منصة X استمرت حوالى 20 دقيقة. بدأت بحديث نتنياهو المهزوم الذي وجد في استقطاب ماسك محاولةً لتغطية هزيمته المرّة وتغيير السردية عبر العالم، قائلاً «هذه زيارة لا تشبه أي زيارة أخرى لأنك بدأتها في المجتمعات المجاورة لغزة، حيث وقعت المذبحة المروعة. لقد ذهبنا إلى هناك معاً ثم عرضت عليك فيلماً قصيراً عن بعض الأهوال وأتساءل عما إذا كان بإمكانك أن تتحدث عن بعض انطباعاتك عما رأيته». قال ماسك إنه «كان من المزعج رؤية مشهد المذبحة». وأضاف أنه «من المثير للقلق» رؤية «الفرحة التي يعيشها الناس الذين يقتلون المدنيين الأبرياء». ثم أشار نتنياهو إلى أن «حماس» عبارة عن «طائفة تدعو للموت»، وأكد أنّ «لا خيار سوى تدمير حركة «حماس» الإرهابية من أجل تحقيق مستقبل أفضل لغزة»، واتفق ماسك مع نتنياهو على أن «حماس» منظمة «إرهابية» تضمر «نوايا إبادة جماعية تجاه الشعب اليهودي». كما أردف نتنياهو قائلاً «إذا كنت تريد الأمن والسلام وحياة أفضل لسكان غزة، فأنت بحاجة إلى تدمير «حماس». عليك أولاً أن تتخلّص من النظام السام كما حدث في ألمانيا واليابان»، فرد ماسك «ليس هناك خيار آخر». وأشار ماسك إلى أن سقوط ضحايا من المدنيين «أمر لا مفر منه» وأن «إسرائيل تحاول تجنب وقوعهم في حربها ضد «حماس»».
من جهته، قال نتنياهو إن «إسرائيل تبذل جهوداً لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين، بينما تستهدفهم حماس عمداً»، مشدداً على أنه «علينا أن نجعل غزة منزوعة السلاح بعد تدمير «حماس»، وعلينا أن نتخلص من التطرف في غزة... وبعد ذلك يتعين علينا أيضاً إعادة بناء غزة». هنا أعرب الملياردير أنّه يود المساعدة في إعادة بناء غزة بعد الحرب الحالية، وأكد أن إعادة تأهيل المنطقة خطوة مهمة لمنع حرب مستقبلية. إلى هذا الحد جرى الحديث بشكل متوقع، لكن ما حدث بعد ذلك كان مريباً بعض الشيء. المحادثة التي نشرها رئيس وزراء العدو على حسابه على منصة X، وأعاد نشرها إيلون ماسك، بدأت تتخذ منعطفاً مقلقاً مع بداية حديث نتنياهو عن استغرابه التظاهرات المناوئة لـ«إسرائيل» في كبرى المدن الأوروبية، مشيراً إلى «أنهم يتظاهرون ضدنا لأنهم كارهون لنا»، وهم كذلك «لأنهم يكرهون الولايات المتحدة». وهنا حاول ماسك قول إنها تظاهرات مؤيدة للشعب الفلسطيني، واغتاظ نتنياهو من عبارة «من النهر إلى البحر» موضحاً أنها عبارة تعني القضاء على «إسرائيل». ثم انجرف رئيس الوزراء المأزوم واليائس في الحديث، فتحدّث عن أنّ هناك «حاجة إلى تغيير جذري للثقافة في الدول العربية على شاكلة ما حدث في الإمارات وغيرها». وتحدث عن ضرورة التغيير المنهجي لما يتم تدريسه في المساجد والمدارس الدينية. وأشار إلى أن «إسرائيل تعمل حالياً على تحويل الدين والمجتمع في دول الخليج، بحيث تقبل القيم الليبرالية والصهيونية». وأضاف «أعتقد أنّ هناك أيضاً ضعفاً مدمجاً في التعليم العالي الغربي، الأمر ليس جديداً. في عام 1933، بعد أيام قليلة من حلول فصل الشتاء، أُنشئ «اتحاد طلاب أوكسفورد». وكان هناك نقاش. هل يجب أن يقاتل هذا الجيل من أجل الملك والوطن؟ وقرروا أن لا يقاتلوا بنسبة 2 إلى 1 تحت أي ظرف من الظروف. حسناً، سرعان ما تعلموا بشكل مختلف. أنهم لن يتمكنوا من القتال إذا تسامحوا مع هذا النوع من العدوان الذي كانت ألمانيا ترتكبه والهمجية التي سرعان ما انتشرت إلى بريطانيا، وسرعان ما انتشرت إلى العالم أجمع. ولهذا لن نتسامح مع هذا النوع من الهمجية الذي أقدمت عليه «حماس». وأكمل: «أعتقد أنه بمجرد أن ندرك أنه يتعين علينا توحيد كل قوى الحضارة ضد هذه الهمجية الجديدة، هذه العصور الوسطى الوحشية التي تحاول منع مستقبل أفضل لنا جميعاً. أعتقد أنه إذا هزمنا «حماس»، يمكننا العودة إلى السلام مع المملكة العربية السعودية. وسنتمكن من تحقيق هذا المستقبل».
نشر ماسك مرةً جملة مفادها: «لمعرفة من يحكمك، ما عليك سوى معرفة من لا يُسمح لك بانتقاده»


بعد انتهاء المحادثة، ذهب إيلون ماسك لزيارة الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، وقال له إنه تحدث مع رئيس الوزراء، ومن الواضح أنه «ليس هناك خيار سوى قتل أولئك الذين يصرون على قتل المدنيين». ثم أضاف أنّ الأمر الثاني الذي يجب أن يحدث هو «تغيير نظام التعليم في غزة، كي يأتي جيل جديد لا يكون من القتلة والأمر الثالث أنه يجب بناء حياة مزدهرة».
من المدهش فعلاً مشاهدة مفاعيل أدوات الضغط الإسرائيلية. قبل أسابيع قليلة، خلال حديث له مع بودكاست ليكس فريدمان (الأخبار 14/11/2023)، قال ماسك «إن ما تفعله إسرائيل هو خلق عدد من أعضاء «حماس» أكبر مما تقتلهم، وبالتالي فإن مشروعها برمته أمر غير مجد». ما الذي تغيّر؟ ألم يعد ماسك متأثراً بمشاهد قتل الأطفال والنساء في غزة؟ ولا لرؤية سكان شمال القطاع ينتظرون هطول الأمطار كي يشربوا الماء؟ أم أنها الأدوات التقليدية نفسها للضغط على الشركات وأصحاب المليارات، التي تتكرّر عند كل مفصل تاريخي. ذات يوم، نشر ماسك عبارة متداولة تقول: «لمعرفة من يحكمك، ما عليك سوى معرفة من لا يُسمح لك بانتقاده»...



زر غزة يا إيلون
مع وصول إيلون ماسك إلى كيان الاحتلال ولقائه الصهاينة، انطلقت حملة على منصة أكس بعنوان «زر غزة يا إيلون». دعت الحملة الملياردير الجنوب أفريقي إلى أخد مسافة من البروباغندا الصهيونية وزيارة القطاع لرؤية حجم الدمار والمجازر والمحرقة التي ارتكبتها القوات الصهيونية بحقّ مواطنيه. وانتشرت الصور التي تظهر أطفال غزة الشهداء والجرحى ومقطّعي الأطراف مع دعوة ماسك إلى «الوقوف إلى الجانب الصائب من التاريخ» ورؤية حقيقة الكيان الإبادي الذي تمثّله إسرائيل