مطلع عام 2023، التمّت الكفرون (ريف طرطوس) حول جورج وسوف أبرز مغنٍّ في تاريخ سوريا الحديث، بعدما فجع بنجله البكر وديع. ولم تمر أسابيع حتى عادت سوريا إلى المشهد العالمي كما اعتادته، أي من بوابة الكوارث التي لم تعد تؤثر في البلاد، إلى درجة أنّه حتى الزلزال المدمّر لم يفنها! عند قرابة الرابعة من فجر يوم الإثنين 6 شباط (فبراير) 2023، حدثت رقصة الموت الأخيرة عند وقوع هزّة أرضية بقوة 7.7 على مقياس ريختر! وما إن انتهت الدقائق العصيبة حتى قوبلت الحالة بالسخرية الواسعة مبدئياً، على الأقلّ لأنّ دمشق لم تتضرر ولم تدفع ضحايا. لكن بعد دقائق قليلة، بدأت الأخبار السوداء بالتواتر من الشمال والساحل، طالما أنّ مركز الزلزال هو تركيا والمناطق المحيطة بها! لاحقاً، انتفضت السوشال ميديا التي قادت المشهد الإعلامي وكانت شريان التواصل الوحيد. لملمت البلاد المنكوبة جراحها واستمرّت، وكان مفاجئاً عودة الحياة سريعاً رغم عمق الجراح...
لكن الموت ظلّ متربصاً! عرسان العام الماضي كانوا كثراً وأبرزهم نجوم شباب بينهم: شادي زيدان ومحمد قنوع وآخرون أبرزهم شيخ الكوميديا السورية هشام شربتجي والممثل المخضرم أسامة الروماني والممثلون محمود جركس، وفائق عرقسوسي، ومحمد خرماشو، وسعيد عبد السلام، ومشهور خيزران، والريجيسير عبد الله حصوة، والمجازف جمال الظاهر، والروائي والقاص ناظم مهنا، والروائي والسيناريست خالد خليفة، والصحافي والفنان التشكيلي أيمن الدقر، ومؤسس الصحافة الاستقصائية في سوريا إبراهيم ياخور.
وبين كل كارثة وأخرى، كانت الميديا السورية تستفيق لتلقط ملمحاً يتحول إلى «ترند» أبرزها كان الكوميديان ياسر العظمة الذي مرّت أشهر طويلة على ظهوره الأول على السوشال ميديا، حتى قرر العودة في عام 2023 مع ابنه، وهو مهندس ظهوره الافتراضي والسبب المباشر في عودته إلى قناته على يوتيوب وصفحة الفايسبوك العامة التي تحمل اسمه. في ما يشبه المونولوج الشعبي، تناول ياسر العظمة الأوضاع التي تسطو على البلاد، ثم راح نحو تفنيد المسلسلات السورية بانطباعات نقدية، فقامت الدنيا ضده، إلى درجة أنه ابتعد عن الظهور تباعاً. من جانب آخر، حجز «مهرجان القلعة» حصّته الوافرة من المشهد الإعلامي بسبب برنامجه المتنوع الذي ضم عدداً من الفنانين العرب من بينهم: كارول سماحة، ومروان خوري، وصابر الرباعي، وجوزيف عطية، إضافة إلى حضور أسماء لبنانية بشكل واضح على رأسهم مايا دياب التي اعتذرت عن عدم إحيائها حفلة بسبب ظرف صحي عارض، وكذلك عبير نعمة التي اعتذرت عن عدم إحياء حفلة في مسرح دمّر المكشوف بسبب عدم إيفاء الشركة المنظّمة ببنود العقد، بينما عادت نعمة في حفلتين في الأوبرا على غفلة من عيون الإعلام!
ولأن الشائعات ملح الحياة الإعلامية السورية، درجت في 2023 شائعات الموت وطالت زوراً بعض نجوم سوريا بينهم: دريد لحام، وعباس النوري، وجمال العلي، وأيمن زيدان لتنتفي هذه الأخبار تباعاً، بينما نالت قضية ـ«الشوكولامو» وبطلتها نضال الأحمدية نصيباً من السوشال ميديا بعدما أطلّت صاحبة مجلة «الجرس» في تصريحات عنصرية مقيتة ضد اللاجئين السوريين في بلادها، بقصد السعي المحموم وراء الانتشار ولو كان على حساب الإساءة لشعب كامل. بعيداً من كلّ ذلك وعلى إثر جريمة الكلية الحربية المدوية التي وقعت في حمص وراح ضحيّتها عشرات الشهداء مع عائلاتهم، أفاقت الميديا السورية يوم 7 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2023 على خبر ذهبي عنوانه «طوفان الأقصى» أبطاله مجموعة من الشباب المقاومين الذين كرّسوا قاعدة أنّ إسرائيل «أوهن من بيت العنكبوت» بصيغة تضاهي السيناريوات الهوليوودية المحبوكة. التقطت الميديا المحلية مئات الفيديوات والصور والوسوم التي اختار السوريون أبرزها وتداولوها بكثافة، ومنها صورة لفلسطيني يقف بشموخ في مواجهة سيارة تبدو أنّها حربية ويحمل علم بلاده بيسراه فيما ترك يمينه للعلم السوري، وكتب عليها: «ما نكّست الأعلام إلا لترفع... من فلسطين هنا دمشق»، لتواكب السوشال ميديا أبشع مجازر شهدها التاريخ في حرب الإبادة الجماعية التي يقودها الكيان الصهيوني ضد أهل غزّة.