نال فيلم «أوبنهايمر» حصّة الأسد خلال الاحتفال الحادي والثمانين لتوزيع جوائز «غولدن غلوب» الذي أقيم فجر أمس الإثنين بتوقيت بيروت، وأرخى العدوان الإسرائيلي على غزّة بظلاله عليه. فقد حصد الشريط الذي يسرد قصة حياة ج. روبرت أوبنهايمر (1904 ــ 1967) عبقري الفيزياء الذي جلب فيزياء الكمّ إلى أميركا والمعروف بأنّه «أب القنبلة الذرية»، خمس جوائز، هي: «أفضل فيلم درامي» و«أفضل مخرج» و«أفضل موسيقى تصويرية» و«أفضل ممثل في فيلم درامي» (كيليان مورفي) و«أفضل ممثل مساعد» (روبرت داوني جونيور). وبفوزه بجائزة «أفضل مخرج»، تغلّب نولان على غريتا غيرويغ التي أخرجت فيلم «باربي» الصادر تزامناً مع «أوبنهايمر»، ما دفع بعدد من المشاهدين إلى متابعة الشريطين في السينما في ظلّ ما عُرف بظاهرة «باربنهايمر». وكان «باربي» الذي يتمحور على الدمية الشهيرة الأوفر حظاً للفوز بأكبر عدد من جوائز «غولدن غلوب» مع حصوله على تسعة ترشيحات، ولكنه فاز بجائزتين فقط هما «أفضل أغنية» (كتبتها بيلي إيليش وشقيقها فينيس)، و«أفضل إنجاز سينمائي وعلى شبّاك التذاكر» (فئة جديدة) بعد تحقيقه أعلى إيرادات لعام 2023. غير أنّه خسر أمام Poor Things (إخراج يورغوس لانثيموس) في فئة «أفضل فيلم كوميدي أو موسيقي»، فيما فازت إيما ستون عنه بجائزة «أفضل ممثلة في فيلم موسيقي أو كوميدي» لتجسيدها دور «بيلا باكستر».أما جائزة «أفضل ممثلة في فيلم درامي»، فكانت من نصيب ليلي غلادستون وهي من السكان الأصليين، عن دورها في فيلم Killers of the Flower Moon لمارتن سكورسيزي، في الوقت الذي ذهبت فيه جائزتا «أفضل ممثل في فيلم كوميدي أو موسيقي» و«أفضل ممثلة في دور مساعد» على التوالي لبول جياماتي ودفاين جوي راندولف من فيلم The Holdovers (إخراج ألكساندر باين). وذهبت جائزتا «أفضل سيناريو» و«أفضل فيلم بلغة أجنبية» إلى الدراما الفرنسية «تشريح سقوط»، فيما فاز فيلم «الصبي ومالك الحزين» لهاياو ميازاكي بجائزة «أفضل فيلم رسوم متحركة».
وعلى صعيد التلفزيون، حصد Succession (شبكة HBO) جائزة «أفضل مسلسل درامي». وعن أدوارهم فيه، نال ماثيو ماكفادين جائزة «أفضل ممثل في دور مساعد»، وكيران كولكين جائزة «أفضل ممثل في مسلسل درامي»، وسارة سنوك جائزة «أفضل ممثلة في مسلسل درامي».
وكان أكبر عدد من الجوائز الكوميدية من حظّ «الدبّ»، وكذلك الأمر بالنسبة إلى «بيف» في الفئات المتعلقة بالأفلام التلفزيونية أو المسلسلات القصيرة.
وأخيراً، ذهبت جائزة «أفضل أداء في الكوميديا الارتجالية على شاشة التلفزيون» (فئة جديدة) إلى الكوميديان البريطاني الشهير ريكي جيرفايس عن عرضه Armageddon، من عروض «نتفليكس» الأصلية.
جاء الحدث بعد عام صعب شهدت فيه صناعة السينما شللاً بسبب الإضراب غير المسبوق منذ الستينيات لممثلين وكتّاب سيناريو في هوليوود. هكذا، خرج نجوم الصف الأوّل بأعداد كبيرة للاحتفال، من بينهم أسماء كبيرة من عالم الموسيقى، أمثال بروس سبرينغستين ودوا ليبا اللذين رُشّحا لجائزة «أفضل أغنية»، وتايلور سويفت التي رُشّح فيلمها Taylor Swift: The Eras Tour عن فئة «أفضل إنجاز سينمائي وعلى شباك التذاكر».
لكن الهمّ الأكبر بالنسبة إلى المنظمين لم يكن فقط نسبة الحضور أو محاولات جذب الجمهور بعد سنوات من الجدل وانخفاض نسبة المشاهدة، بل إنّهم تعرّضوا لضغوط كبيرة من منظمات صهيونية (على رأسها Bring Them Home) لدفع الحاضرين لارتداء دبابيس صفراء كتعبير عن دعم الكيان الصهيوني في حرب الإبادة التي يشنّها على غزّة. ترافق ذلك مع استنفار للشرطة والدفاع المدني في مدينة لوس أنجليس ترقّباً لاحتمال خروج تظاهرات واحتجاجات ضدّ العدوان على القطاع.
هكذا، قرّر بعض النجوم الاستجابة والمساهمة في تلميع صورة العدوّ وجرائمه المستمرّة منذ أكثر من ثلاثة أشهر. فقد وصل عدد من نجوم هوليوود إلى السهرة التي أقيمت في فندق «بيفرلي هيلتون»، مرتدين دبابيس على شكل أشرطة صفراء، لإظهار دعمهم لـ «الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية منذ السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023». ومن أبرز هؤلاء، نذكر الممثلين الأميركيين جاي سميث كاميرون، وجون أورتيز. علماً أنّ تاريخ هذه الأشرطة يعود إلى أزمة الرهائن في إيران عام 1979 عندما أُسر 52 أميركياً لمدة 444 يوماً في طهران. وسبق ذلك تعبير منظمي الـ «غولن غلوب» عن خشيتهم من أن يستحيل احتفالهم مناسبة للحديث في السياسة وتسجيل المواقف حول ما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خصوصاً بعدما أدان كثيرون من نجوم هوليوود حرب التطهير العرقي الإسرائيلية في غزة وكيفية تعامل الاحتلال مع الفلسطينيين. وكان المرشحون للـ «غولدن غلوب»، برادلي كوبر وسيلينا غوميز وواكين فينيكس وكوينتا برونسون ومارك رافالو، من بين أكثر من 260 فناناً وقّعوا على رسالة في تشرين الأوّل الماضي تحث الرئيس الأميركي جو بايدن والكونغرس على الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة. ورغم أنّ النجوم لم يخضعوا للرقابة مباشرةً، إلا أنّ وسائل إعلام عدّة نقلت عن مصدر مطلع في عالم صناعة السينما قوله إنّ: «الجميع يأمل أن يجلب احتفال توزيع الجوائز البريق والمرح من هوليوود إلى العالم... الأمر ضروري حقّاً»!