القاهرة | الملخّص البسيط لمسلسل «صلة رحم» (mbc مصر) يُفيد بأنّه يتناول قصّة طبيب تخدير يفقد الأمل في الإنجاب من زوجته بسبب حادث سير، فيقرّر «تأجير رحم»، ويبدأ سلسلة من المغامرات بحثاً عن الرحم البديل، متحدياً عوائق قانونية ودينية لا حصر لها. غير أن الحلقات تطرح عدداً من القضايا الإشكالية، ما يؤكد على جرأة الطرح في أحد أبرز مسلسلات النصف الأول من شهر الصوم.عبر إيقاع سريع وأحداث متتالية لا تعتمد على المصادفة والمفارقات غير المنطقية، وضع صنّاع مسلسل «صلة رحم» عملهم الجديد ضمن الأعمال الأكثر جاذبية، وخصوصاً من الناحية الفنية في سباق رمضان الحالي، وبات مرشحاً لدخول قائمة الأفضل على مستوى مسلسلات الـ 15 حلقة التي باتت سمة مميّزة لسباق رمضان الدرامي في المحروسة هذا الموسم. ينطلق العمل من لحظة ارتباك تصيب طبيب التخدير «حسام» بسبب ظهور حبيبته السابقة في حياته من جديد. هذه الحبيبة خضع بسببها لعلاج نفسي، انتهى بزواجه من الطبيبة المعالجة «ليلى». علماً أنّه كان متزوجاً من أجنبية، لكنها استحوذت على طفلهما وغادرت وتركته أباً بلا ابن يحاول تعويض هذا النقص مع زوجته الثانية التي تعاني مشكلات في الحمل، فيضطرا سوياً للجوء إلى الحقن المجهري، ويصيرا على مسافة أسابيع من إنجاب طفلهما المنتظر.

إياد نصّار في المسلسل

في ليلة فاصلة، يستجيب «حسام» لدعوة الحبيبة السابقة. يذهب إلى بيتها، ويترك هاتفه صامتاً فيما الزوجة تستنجد بعدما أصيبت بنزيف. ورغم أنه عاد ونقلها إلى المستشفى، لكنّ تناوله للخمر عند الحبيبة السابقة، أدّى إلى حادث سيارة فقدت على إثره «ليلى» الجنين واستُؤصل رحمها، ليقرّر حسام تعويضها بالبحث عن «رحم بديل»، مستغلاً «بويضات مجمّدة» مسبقاً للزوجة المكلومة.
القصة التي تبدو من التلخيص المبسّط، رحلة زوج يريد تعويض زوجته بإنجاب طفل ولو عبر امرأة أخرى، تطرح عدداً من الإشكالات النفسية والإنسانية. إلى جانب طرح قضية «تأجير الأرحام» بشكل جريء ومباشر وإن تناولتها مسلسلات أخرى من قبل، حقّق «صلة رحم» نسب مشاهدة عالية جعلتها مطروحة للنقاش اجتماعياً ودينياً في مصر. حتى إنّ الشيخ خالد الجندي ظهر في الحلقات، حيث يقابله الطبيب مصادفة ويحصل على رأيه الشرعي الرافض للعملية. لكن الطبيب يكمل المشوار ويبدأ رحلة البحث عن الرحم البديل، فيخفق مرات وينجح أخيراً لكن تظل النهاية معلّقة: هل سيكتمل الحمل أم سيُصاب بالخذلان؟
مشوار الطبيب يكشف المستويات الأخرى التي يلامسها النص (كتابة محمد هشام عبية ـــ إخراج تامر نادي)، إذ يطرح قضية عناد الإنسان وتحدّيه للقدر وتبريره لأفعاله ودخوله معركة يتحدى فيها الجميع. رفض «حسام» الاستسلام للواقع، وخصوصاً أنّ زوجته طلبت الطلاق رفضاً للخيانة فبات التعويض حتمياً. رفض أيضاً قبول الزواج من امرأة أخرى للإنجاب منها، بل ركّز فقط على تعويض الزوجة التي فقدت حلمها بسبب الحادث أياً كانت العقبات.
تطرح حلقات «صلة رحم» عدداً من القضايا الإشكالية


زاوية أخرى يطرحها المسلسل تتعلق بوجود سيدات قبلن العرض بسبب ضيق الحال. إحداهما ترعى طفلاً مريضاً تخلّى عنه الأب، والثانية يطاردها زوج عنيف يجبرها على معاشرته بالقوة، جميعهم ـــ بمن في ذلك الزوج ــــ لا يستسيغون الصفقة برمتها، لكنّهم طبّقوا قاعدة «الضرورات تبيح المحظورات»، فيما ظلّ النقاش قائماً حول تعريف «الضروري» وإلى أي مدى يمكن لزلّة رجل تجذبه مكالمة من حبيبة سابقة، أن تغيّر كل شيء في لحظات.
قدّم إياد نصار (حسام) حتى الآن أداء مميزاً لشخصية الطبيب العنيد الذي لا يرى إلا هدفه وتتصارع بداخله عدد من المشاعر المضطربة، والشعور بالذنب تجاه الزوجة، والحب تجاه الصديقة القادمة من الماضي، والحرمان من الأبوّة والتعاطف مع سيدات فقيرات وافقن على صفقته بعد عناء، فيما قدّمت يسرا اللوزي (شخصية الطبيبة ليلى) باقتدار مشاعر السيدة التي خسرت كل شيء: الزوج والابن والمستقبل. وأجادت أسماء أبو اليزيد في شخصية «حنان» التي وافقت في النهاية على تأجير رحمها، وهي التي أجهضت جنينها الأول كراهيةً في والده، وباتت أبو اليزيد مميزة في أداء تنويعات على شخصية البنت الفقيرة التي تجاهد لتحسين حياتها، وهو ما يمسّ ملايين الفتيات في مصر، ما يفسّر المتابعة الجماهيرية الواسعة للمسلسل.

* «صلة رحم»: س:23:00 على «mbc مصر»