برّي والسنيورة يتحرّكان عربيّاً ودوليّاً... وموسى يحذّر من «انهيار» الوضعفي انتظار تبلور صورة الموقف ما بعد القمة العربية، نشطت الاتصالات الداخلية في اتجاهات عدة، وبدأ كلٌّ من فريقَيْ الموالاة والمعارضة يعمل على وضع خطّة لمواكبة الوضع الجديد.
وفي هذا الإطار، تعدّ قوى 14 آذار لعقد اجتماع لأركانها، وهي تنتظر لهذه الغاية عودة رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري من الخارج، فيما بدأت المعارضة سلسلة من الاجتماعات تشمل رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون و«حزب الله» وحركة «أمل» وتيار المردة والحزب الديموقراطي اللبناني، وقد تم الاتفاق على تأليف لجنة سباعية تضمّ ممثّلين لأطراف المعارضة، لإعداد وثيقة سياسية تمثّل كلّ التفاهمات بين هذه الأطراف. إلا أنّ ذلك لا يعني، وفق ما أدلى به مرجع معارض لـ«الأخبار»، وجود آلية لتوحيد المعارضة في مؤسسة واحدة، بل إن اللجنة السباعية ستعمل على الآتي:
ـ دعم البرنامج التوافقي لانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. وإذا تواصلت المبادرة العربية، فإن حكومة الوحدة الوطنية ينبغي أن تؤلّف على أساس 10+10+10.
ـ تركيز الجهد على معركة الانتخابات النيابية من زاويتي قانون الانتخاب، والحكومة التي تشرف على الانتخابات النيابية.
ـ إيلاء الشق الاقتصادي ـ الاجتماعي أهميّة كبرى (التفاصيل ص 3).
وعبّر المرجع المعارض عن مخاوفه من وجود نيات لدى فريق الأكثرية لعرقلة حصول الانتخابات النيابية. وأشار إلى أن الحديث عن مبادرة لعون قد طوي، وتم الاتفاق على ترك الأبواب مفتوحة أمام مشروع بري لاستئناف طاولة الحوار، علماً بأن أول الردود وصل من قوى الأكثرية، ومفاده أن يكون انتخاب الرئيس شرطاً لاستئناف الحوار وأن هذا الرئيس هو من يدعو إلى هذا الحوار ويرعاه. ولذا فإن بري يجري اتصالات لترتيب مواعيد مع قادة في مصر والسعودية وسوريا وإيران وفرنسا، بغية الحصول على دعم هذه العواصم لاستئناف الحوار.
إلى ذلك، علمت «الأخبار» أن الجهات المسيحية في المعارضة تسعى للتوصّل مع البطريرك الماروني نصر الله صفير إلى تفاهم على نظرة مشتركة لاستعادة المسيحيين دورهم والتركيز على قانون الانتخاب، وأن الاتصالات الجارية حالياً بين صفير من جهة وعون وزعيم تيار «المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية من جهة ثانية لم تبدأ حتى اللحظة، ما يعني أن زيارة الاخيرين لبكركي مستبعدة حالياً.
وفي موازاة تحرّك بري، فإن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي تلقى اتصالاً أمس من الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، بدأ الإعداد لجولة سيقوم بها قريباً على السعودية ومصر ودول عربية أخرى لبحث مستقبل الوضع اللبناني في ضوء نتائج قمة دمشق.
وفي هذه الاثناء يجري موسى جولة من الاتصالات والمشاورات العربية تمهيداً لزيارته لبنان قبل 22 من الجاري، موعد جلسة انتخابات الرئاسة. وأكد مساء أمس في حديث إلى قناة «أخبار المستقبل» أن قرار زيارته لبنان سيقرَّر في ضوء المعطيات المتعلّقة بمدى جهوزية الفرقاء اللبنانيّين للتحرّك نحو تنفيذ المبادرة العربية وانتخاب رئيس للجمهورية، مشدّداً على استعداده لاستئناف العمل لإيجاد حلّ في لبنان. ورأى أن الوضع الراهن في لبنان «ربما يريح الكثيرين»، إلا أنّ تماسك هذا الوضع «لحظيّ وقد ينهار».
ولفت موسى إلى أن «المبادرة العربية كاملة وأول عنصر فيها انتخاب رئيس»، مشيراً إلى أنه يفهم ضرورة التوافق على الشكل العام للحكومة المقبلة، «أما الدخول في تفاصيل الحقائب والأسماء فهذا بعيد عن ذهن المبادرة». وأكد أن «التفسير الرسمي للمبادرة هو انتخاب رئيس الجمهورية والتفاهم على شكل الحكومة دون تفاصيلها أو تقييد الرئيس»، مشدداً على ضرورة العمل من أجل عدم تهميش المعارضة في حكومة الوحدة وإزالة هواجس فريقي النزاع في لبنان.
وتخوف موسى من تصعيد إسرائيلي تجاه لبنان، موضحاً أنّ «الكثيرين يدعون لتوقّع صيف ساخن في المنطقة، وهذا يخيفني كثيراً لأن النقطة الأضعف والمسرح لذلك هما في لبنان».
«قمّة فاشلة»
على صعيد آخر، رأى مساعد وزيرة الخارجيّة الأميركيّة لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد ولش، أنّ القمّة العربيّة التي عقدت في دمشق يومي السبت والأحد الماضيين فشلت في حلّ مواضيع مهمّة بسبب مكان انعقادها.
وقال ولش في الدوحة، «يبدو أنّ هذه القمّة فشلت في مقاربة بعض المواضيع المهمّة جدّاً للعالم العربي. وربّما كان سبب ذلك غياب بعض القادة الرئيسيّين». وأضاف: «بعض المشاكل الأكثر تعقيداً التي تواجه الجامعة العربيّة هي بين العرب أنفسهم».
ولفت ولش، الذي يُتوقّع أن يزور الكويت بعد قطر في إطار جولة خليجيّة، إلى أنّه «ليس في نيّة» واشنطن عزل سوريا، وقال: «سوريا عزلت نفسها، وهي على خلاف عميق مع العديد من إخوانها العرب حول مواضيع مثل (ملفّ) لبنان».