غزة ــ رائد لافينيويورك ــ نزار عبود

بات قطاع غزة اليوم على موعد مع رفع جزئي للحصار الإسرائيلي المفروض عليه منذ يوم الجمعة الماضي، بعدما بلغت حدّة المأساة فيه حداً أوصلته إلى لفظ أنفاسه الأخيرة، في وقت جدّدت إسرائيل التوعّد بـ«زلزلة» القطاع إذا تطلّب الأمر ذلك.
وكان قطاع غزة قد دخل، أمس، مرحلة من الموت البطيء، شلّت مختلف المرافق فيه بعد نفاد الوقود وانقطاع الكهرباء في إطار الحصار الإسرائيلي، الذي هدّد حياة مليون ونصف مليون فلسطيني أمام أنظار الدول العربية، في وقت عمدت مصر إلى تعزيز حراسة معبر رفح لمنع آلاف الفلسطينيين من تنفيذ تهديد باقتحامه لإدخال الغذاء (التفاصيل).
وأعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية، موشي رونين، أن وزير الدفاع إيهود باراك «قرر السماح مجدّداً بتزويد قطاع غزة بالفيول لإتاحة تشغيل محطة الكهرباء فيها. وستستأنف الإمدادات الثلاثاء (اليوم)». وأضاف: «وسيكفي ذلك تلبية حاجات قطاع غزة لفترة غير محددة»، مشيراً إلى أنه سيجري أيضاً تزويد القطاع بالأدوية.
ولم يستبعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، اريه ميكيل، إعادة تعليق تزويد القطاع بالوقود في حال إطلاق صواريخ على إسرائيل. وأضاف أنه سيزوّد القطاع بـ2.2 مليون ليتر من الفيول عبر معبر كرم سالم، «ما سيمكّن من تشغيل المحطة لتنتج 60 ميغاواط خلال أسبوع». وأضاف أنه سيجري أيضاً تزويد القطاع بـ500 ألف ليتر من الفيول لتشغيل المولدات، وخصوصاً التابعة للمستشفيات. وأشار إلى أنه سيُسمح بدخول 50 شاحنة من المنتجات الغذائية الأساسية ومساعدة طبية، منها 13 شاحنة من الأردن.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر في جهاز الأمن الإسرائيلي قولها إن «فتح المعابر لمرة واحدة يأتي في أعقاب انخفاض عدد صواريخ القسام التي يطلقها المقاومون من قطاع غزة باتجاه جنوب إسرائيل، من 40 صاروخاً يوم الخميس الماضي إلى صاروخ واحد اليوم (أمس)».
وقال باراك، في خطاب ألقاه أمام مؤتمر هرتسليا السنوي الثامن، إن «علينا ممارسة ضغط والمزيد من الضغط على غزة، وما يهمنا هو أن يعيش سكان غرب النقب ومدينة سديروت بهدوء». وأضاف أنه «إذا كان هذا الهدوء يحتاج إلى زلزلة الأرض في الجانب الآخر فسنزلزلها». وتابع: «بالنسبة إلي، الهدوء عندنا أهم من الهدوء عندهم».
ويأتي الموقف الإسرائيلي بعد التحذيرات الدولية من الكارثة الإنسانية في القطاع، ولا سيما أن هيئة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أعلنت أنها ستوقف اعتباراً من اليوم الإمدادات الغذائية للقطاع، فيما حذّر الصليب الأحمر من نفاد مخزون الوقود لدى المستشفيات، ما يهدّد أكثر من 1700 مريض بالموت المحقق.
وسعت السلطة الفلسطينية ومصر إلى تبنّي إنجاز تخفيف الحصار. فأعلن المتحدث الرئاسي، نبيل أبو ردينة، أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس تمكن من إقناع إسرائيل بتزويد قطاع غزة بالوقود. كما أعلن مصدر دبلوماسي مصري أن الاتصالات المصرية ـــــ الإسرائيلية في شأن هذه الأزمة أدت إلى عودة الكهرباء إلى شمال القطاع.
كما عمد عبّاس إلى استغلال الأزمة للحصول على موطئ قدم في غزة، عبر إعلان استعداده لتسلّم معابر القطاع «لتسهيل حياة الفلسطينيين»، وهو ما لم ترفضه حركة «حماس»، إذ أعلن رئيس الحكومة المقال إسماعيل هنية أن حكومته ستدرس أي عرض رسمي بخصوص المعابر «بما يخدم مصلحة الناس». وأضاف: «لم نتلق أي اقتراح رسمي من عباس».
وفي إطار الترحيب برفع الحصار، أثنى رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، خالد مشعل، على الجهود التي بذلها عباس لذلك، مع تشديده على ضرورة مواصلة العمل لرفع الحصار عن غزة والضفة الغربية.
لكن مشعل أكد، في حديث لقناة «الأقصى» الفضائية التابعة لحركة «حماس»، أن إطلاق الصواريخ لن يتوقف إلا بزوال الاحتلال.
وكان مشعل قد أجرى اتصالاً بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي دعاه إلى العمل على وقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزّة. وقال لافروف، حسب بيان صادر عن الخارجية الروسية، «على طرفي النزاع بذل أقصى الجهود لوقف العنف والمواجهات وتسهيل إقامة الظروف الملائمة لدفع التسوية السياسية الإسرائيلية ـــــ الفلسطينية قدماً». وأضاف: «لا بدّ من وقف قصف المدن الإسرائيليّة بالصواريخ».
إلى ذلك، عقد مجلس الأمن مساء أمس جلسة تشاورية بناء على طلب المجموعة العربية لبحث الوضع في غزة. وقالت مصادر مطلعة، لـ«الأخبار»، إن المجموعة العربية تُعد مشروع قرار ستقدمه إلى مجلس الأمن اليوم يستهدف «إنهاء مأساة القطاع».
وقال المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة، زلماي خليل زاد، لـ«الأخبار» إن موضوع الشرق الأوسط سيناقش في جلسة يوم غد. وأضاف أن «من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها من الهجمات التي تتعرض لها، لكن الولايات المتحدة تفضل تحييد المدنيين عن الصراع».