فجّر أهالي قطاع غزة معاناتهم وغضبهم من الحصار الإسرائيلي أمس عند الحدود في رفح، التي اقتحموها مهرولين إلى الداخل المصري من أجل التزوّد بأغذية ووقود يعانون من نقصانها نتيجة سياسة العزل التي تمارسها إسرائيل على القطاع منذ 17 من الشهر الجاري، والتي تريدها محدّداً لمعادلة جديدة تربط رفع الحصار بإيقاف إطلاق الصواريخ (التفاصيل).عبور تمّ بعد تفجير 200 متر من الحائط الخرساني للمعبر، وبتساهل من قوى الأمن المصري التي تسيطر عليه، بعد إيعاز من الرئيس حسني مبارك، الذي قال إنّ السماح هو لأسباب إنسانيّة، ولا ضير فيه ما دام الوافدون المؤقّتون ليسوا مسلّحين.
غير أنّ أوساط دبلوماسيّة لفتت، في حديث لـ«الأخبار»، إلى أن السلطات المصرية تساهلت مع اقتحام معبر رفح تحت ضغوط الرأي العام المحلّي وبهدف امتصاص الغضب الشعبي العارم حيال ما يتعرّض له الفلسطينيّون على الجانب الآخر من معبر رفح، مشيرةً إلى أنّ القاهرة أحاطت الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركيّة علماً بأنّ هذا الإجراء مؤقت وحتمي لتخفيف حدّة تدهور الوضع الراهن في الأراضي الفلسطينية.
وفي هذا السياق، قال دبلوماسي مصري، لـ«الأخبار»، إنّ بلاده ستسمح للفلسطينيين بالحضور إلى رفح والتسوق من مدينة العريش لمدة يومين فقط، مشدّداً على أنّ آلاف الجنود من قوّات مكافحة الشغب وعناصر الاستخبارات طوّقت العريش لمنع تسلّل الفلسطينيين باتجاه القاهرة.
في المقابل، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين إشارتهم إلى إمكان اعتماد الاحتلال على صيغة جديدة في التعاطي مع المعابر تقوم على إغلاقها كلياً.
وعن نتائج الاستراتيجيّة التي اتّبعت مع القطاع من أجل تطويع حركة «حماس»، قال أحد المسؤولين، بحسب الصحيفة، إنّ «الأمور لم تجر في الأيام الأخيرة كما أردنا تماماً، وقد كان ثمة قدر من التجربة والخطأ ونحن ندرس كل الاحتمالات من أجل تقليص نار الصواريخ، على ألا ننجرف بالمقابل إلى حملة بريّة غير محسوبة».
في هذا الوقت، دعا رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، خالد مشعل، إلى مواصلة «الغضب الشعبي والعربي» على إسرائيل حتى فك الحصار عن غزة. وقال، في افتتاح «المؤتمر الوطني الفلسطيني»، إنّ اقتحام الحدود مع مصر كان «قراراً شعبياً لا تنظيمياً».
وفي المؤتمر نفسه، الذي أكّد أنّ «دمشق صخرة المقاومة»، دعا الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي»، رمضان عبد الله شلح، إلى «وقف المفاوضات المسخرة» بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. وقال إن «ما يجري في غزة قرار إسرائيلي بتواطؤ بعض العرب أو الفلسطينيين أو رضاهم».
أمّا في نيويورك، فقد عملت إسرائيل بكامل جهدها لمنع إصدار أي بيان في مجلس الأمن الدولي يطالب برفع الحصار عن غزة، فيما تمسّكت الولايات المتحدة بموقف سلبي من مشروع البيان الذي قدمته المجموعة العربية ورأته غير صالح للمناقشة، إلّا أنّها تركت المفاوضات للجانب البريطاني.
وبعد التراجع الأوّل عن قرار لمجلس الأمن الدولي إلى بيان رئاسي غير ملزم، لا يظهر أن هناك قعراً لمدى التساهل من المجموعة العربية التي عانت انقسامات خطيرة في الرؤى والأساليب المتبعة.
وتواصلت المفاوضات في مسعى حثيث لإخراج أي بيان، وأدخلت عبارات جديدة تتعلق بإطلاق الصواريخ والقنص إرضاءً للجانب الإسرائيلي، وأخرى لمنح السلطة الفلسطينية سيطرة على منافذ قطاع غزة. ومع ذلك، من المستبعد إقرار البيان الرئاسي الذي يحتاج إلى إجماع أعضاء المجلس.