نصرالله ينتقد المطالبة بنزع السلاح ... وترتيبات «دولية» لمواكبة الإنسحاب الإسرائيلي

جنود الاحتلال يرحلون والجنوبيون يعودون - رويترز

صوت العائدين إلى بيوتهم وقراهم ارتفع فوق الأصوات التي سبقت الانسحاب الاسرائيلي، مطالبة بنزع سلاح المقاومة. وورشة الإعمار المفتوحة التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ابتداءً من اليوم لإزالة آثار العدوان، يفترض أن تطغى على الورش الجارية في الأروقة بحثاً عن نتائج لم تحصدها الحرب الاسرائيلية العسكرية ولا الحملة الديبلوماسية الأميركية. لكن كل ذلك لم يخفِ القلق من حصول مواجهة سياسية قد تعطل قدرة لبنان على مواكبة تنفيذ القرار 1701 برغم ان القيادة العسكرية في اسرائيل بدت مستعجلة للخروج من كل النقاط التي احتلتها، وسط معلومات عن احتمال إنجاز الأمر خلال 48 ساعة.


وبينما تسير الأمور نحو ترتيب اجتماع لمجلس الوزراء لبتّ صيغ تنظيم انتشار الجيش جنوبي نهر الليطاني، كانت قيادة القوة الدولية تنظّم في مكاتبها في الناقورة اجتماعات مع وفدين عسكريين لبناني وإسرائيلي لأجل وضع الترتيبات الخاصة بتسلم القوات الدولية الحدود قبل تسليمها الى الجيش اللبناني، والعمل على فتح جميع المعابر الحدودية والجوية والبحرية للبنان خلال الأيام الثلاثة المقبلة.
وبينما كان البارز أمس انضمام الولايات المتحدة وفرنسا الى الحملة على حزب الله، وربط الأخيرة نشر الجيش والقوات الدولية بخروج حزب الله من جنوبي نهر الليطاني، فإن محصّلة مناقشات معلنة وأخرى غير معلنة، أظهرت أن النقاط العالقة باتت على الشكل الآتي:
أولاً: رفض حزب الله بحث ملف سلاح المقاومة قبل انتهاء الاحتلال وإزالة مخاطر تجدد العدوان.
ثانياً: إصرار فريق الأكثرية على أن تطبيق القرار الدولي يفرض نزع سلاح المقاومة على كل الأراضي اللبنانية.
ثالثاً: دعوة حزب الله الى حصر الخطوات بنشر الجيش اللبناني وفق ترتيبات تقرّ في مجلس الوزراء.
رابعاً: الحصول على ضمانات بعدم الالتفاف على قرار تعزيز قوات اليونيفيل، ورفض حزب الله والرئيس إميل لحود مجيء قوات فرنسية خاصة مدعمة بحاملة طائرات وقوات مدرعة الى الجنوب.
خامساً: عدم القبول بأي نوع من الشروط الأمنية الخاصة بإعادة فتح المرافق البحرية والجوية والبرية.
في النشاط السياسي كان البارز أمس الاجتماع بين رئيسي المجلس النيابي والحكومة نبيه بري وفؤاد السنيورة لفتح “كوة” صغيرة في جدار المواجهة السياسية، ونقلت مصادر رئيس المجلس عنه تفاؤله بإمكانية خلق مناخات أفضل لملاحقة الموضوع. بينما تحدثت مصادر رئيس الحكومة عن مزيد من الاتصالات مع الجهات الدولية المعنية، التي تسأل عن جهوزية الدولة اللبنانية لتسلم الأمن في الجنوب.
وكان الرئيس السنيورة قد وصل الى عين التينة في الوقت الذي كان فيه السيد نصر الله يلقي كلمته المتلفزة، وقد أعلن فيها “المباشرة بعملية إيواء النازحين المهدّمة بيوتهم وإعمار ما دمرته الحرب”، قبل أن يعلق على السجال السياسي القائم الآن، منتقداً “التوقيت الخاطئ الذي لا يراعي شعور الناس الذين صمدوا بوجه العدوان ودفعوا الكثير من حياتهم وأملاكهم في مواجهة الحرب الاسرائيلية” وداعياً الى “إعادة الملف برمته الى الغرف المغلقة والى الإطار الحواري الوطني الذي يبت بالأمر” وهاجم نصر الله بصورة غير مباشرة المطالبين بنزع سلاح المقاومة “الذي فشلت اسرائيل في تحقيقه قبل أن تقرّ باستحالة نزعه” مكرراً “أن سلاح المقاومة يسلّم الى دولة قادرة وعادلة ومقاومة، وانه يجب بناء هذه الدولة قبل تسليم السلاح طالما ان الاحتلال مستمر والمخاطر والعدوان أيضاً”.
وفي ما خص اجتماع بري والسنيورة فإن الامر تركز على سبل عقد جلسة وزارية في أقرب وقت ممكن، وذلك بعد التوصل الى صيغة اتفاق جامعة حول موضوع سلاح المقاومة في منطقة نهر الليطاني، وخاصة أن الجيش يتحفّظ على تنفيذ انتشاره في تلك المنطقة قبل حسم الخلاف السياسي داخل مجلس الوزراء بشأنها. وأكدت المصادر أن الرئيس بري لديه صيغة حول حل هذا الموضوع، كما أن وزير الاعلام غازي العريضي أطلع بري على وجهة نظر النائب وليد جنبلاط بخصوص هذا الموضوع، وذلك في زيارة له سبقت زيارة السنيورة، بالإضافة الى مشاريع أخرى نوقشت في لقاءات بين قيادة الجيش وقياديين من حزب الله.
ونفت هذه المصادر ان يكون اللقاء المسائي بين بري والسنيورة قد تعرض لموضوع كيفية مواجهة العودة الكثيفة والمفاجئة للنازحين الى الجنوب وسبل إعادة الاعمار هناك، وأيضاً في منطقة الضاحية الجنوبية. وأشارت الى ان هذا الموضوع كان قد ناقشه الرئيسان في اتصال هاتفي جرى بينهما صباحاً.
وتفيد معلومات ان هناك اتجاهاً لدى الرئيس فؤاد السنيورة لتحاشي ما وصفه بـ“تسييس” عملية البناء في الجنوب، مركزاً على ضرورة إعطاء دور اساسي للجيش اللبناني في تنفيذه، وتسليمه حصراً عمليات مسح الأضرار وأيضاً عمليات الاغاثة. كما ان بري يتطلع لأن يتحمل مجلس الجنوب ايضاً، مسؤوليته في اعادة البناء في الجنوب.
لقاءات الناقورة
وكشفت مصادر أمنية مطلعة لـ «الأخبار» أن المباحثات الجدية لترتيب الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب وبدء نشر القوات الدولية ووحدات الجيش اللبناني قد بدأت مباشرة بعد وقف العمليات العسكرية، وشهد مقر القوات الدولية عند نقطة الحدود قرب الناقورة اجتماعات أدارها قائد القوات الدولية الجنرال الفرنسي ألين بلليغريني في غرفة وسط غرفتين أخريين، ضمت الأولى عن يمينه ضباطاً من المخابرات في الجيش اللبناني، وعن يساره ضباطاً من الجيش الاسرائيلي، وجرت “محادثات تقنية” تناولت سبل تأمين انتشار القوات الدولية والجيش جنوبي نهر الليطاني.
وفي المعلومات ان الجانب الاسرائيلي أبلغ المجتمعين ان قوات الاحتلال ستكون وراء الخط الأزرق بحلول بعد ظهر الخميس المقبل. وركز الجانب اللبناني على انه لا يستطيع تسلم المواقع التي يخليها الاسرائيليون مباشرة بل من خلال القوات الدولية.
مجلس الأمن المركزي
أما مجلس الأمن المركزي فقد ناقش بعد اجتماع مسائي برئاسة السنيورة “الترتيبات الواجب اتخاذها لاستعادة الحركة الطبيعية في كل المرافق الحيوية والمعابر البحرية والجوية والبرية والاجراءت الأمنية التي ستتخذ لضبط الوضع الأمني عليها”.
وتم الاتفاق على ان يتولى الجيش اللبناني أمن المعابر البرية مع سوريا (المصنع، العبودية، العريضة) والمرافئ البحرية على طول الساحل اللبناني، على ان تقوم باقي القوى الأمنية الأخرى من قوى أمن وجمارك وأمن عام بالمهمات المنوطة بها أصلاً. كما ستتسلم قوى الأمن الداخلي مهمات الأمن في المطار والمعابر الجوية بدءاً بمطار بيروت الدولي. وقال وزير معني “ان الاتصالات الجارية تبشر بإمكان رفع الحصار خلال الـ 72 ساعة المقبلة”.
واشنطن وباريس
وحاولت الإدارة الأميركية الترويج لـ“نصر إسرائيلي” في القرار 1701. ورأى الرئيس جورج بوش أن حزب الله “هو من هاجم اسرائيل وهو من أحدث هذه الأزمة، وهو من هزم فيها”. وأعرب عن أمله “بأن يستمر وقف اطلاق النار”،
وقال بوش، في لقاء مع الصحافيين بعد اجتماعات عقدها في وزارة الخارجية، “إن مسؤولية عذابات الشعب اللبناني تقع أيضاً على الدولتين الداعمتين لحزب الله، إيران وسوريا”. وأضاف أن إيران ساندت جماعات مسلحة في لبنان والعراق، وعلى طهران وقف مثل هذا الدعم.
في السياق، قال المتحدث باسم البيت الأبيض طوني سنو إن هناك حاجة للأمن في شمال لبنان لمنع وصول شحنات الأسلحة إلى حزب الله. وأضاف “اعتقد ان الامر سيتطلب في جانب منه وضع شخص ما عند الحدود الشمالية للبنان تكون لديه القدرة على التعامل مع الوضع الامني بشكل يتيح له اعتراض سبيل نقل السلاح إلى لبنان من إيران وسوريا والتصدي له، ومع قدر من التوفيق منعه”.
وفي باريس، رأى وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي ان انسحاب حزب الله الى شمالي نهر الليطاني ونزع سلاحه أمران ضروريان لنشر الجيش اللبناني في الجنوب وتعزيز القوة الدولية التابعة للأمم المتحدة. وفي تعليق على تصريحات السيد حسن نصر الله، شدد دوست بلازي على «الالتزامات» المفروضة على «الاطراف المعنية» من اجل نجاح القرار 1701 الهادف إلى وضع حد للنزاع.
وفي نيويورك، اعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان أن المنظمة الدولية لم تتلق بعد التزامات محددة من قبل الدول التي يمكن أن تشارك في تعزيز قوة الامم المتحدة المنتشرة حاليا في جنوب لبنان، الا انه اوضح ان انان يعمل على ذلك. وقال المتحدث ستيفان دوجاريك “في الوقت الحاضر ليست لدينا وعود رسمية محددة من المساهمين (المحتملين) الا اننا نواصل مناقشاتنا”.
وذكرت مصادر ديبلوماسية في فرنسا، التي من المفترض أن تقود القوة الدولية، أن “تعقيدات” القرار 1701 تعوق تشكيل القوة، ولا سيما لجهة المهمـــــات الموكلة إليها، والتي تراها الدول المرشحة للمشاركة “غامضة”، ولا سيما لجهة تصرف القوة الدولية إذا ما تعرض لبنان لعدوان إسرائيلي.