لكن المفارقة القائمة، لا تتعلق بالتناقضات اللبنانية حول الملف الرئاسي فقط، بل في كون ما هو ظاهر الآن، يتركز على خلافات جدية تعصف بالفريق السياسي الحليف لحزب الله، وهو فريق يشمل الحزب والتيار الوطني الحر وحركة أمل وتيار المردة وشخصيات أخرى. بينما لا يبدو الفريق الآخر الذي لا يمكن اعتباره متماسكاً بصورة دائمة، قادراً على فرض مسار يقود إلى نتيجة حاسمة. والأمر هنا يتصل أساساً بأن الحزب التقدمي الاشتراكي ليس منخرطاً بصورة مطلقة بلعبة ترشيح خصم لحزب الله مثل النائب ميشال معوض، كما أن قوى أخرى مثل «القوات اللبنانية» تبدو في النهاية أكثر التزاماً بما ستصل إليه السعودية من مفاوضات مع الأميركيين والفرنسيين والآخرين.
رهان مشترك لدى باريس والراعي وباسيل على إنتاج اسم من خارج الأقطاب البارزين، مثل زياد بارود
وبالعودة إلى تفاصيل الجهود الفرنسية. فقد أعدت السفيرة في بيروت آن غريو، برنامج لقاءات واتصالات من نوع مختلف عن المرحلة السابقة. حيث أنجزت المهمة الأولى بالاستطلاع العام، وباتت باريس على معرفة دقيقة بالمواقف الفعلية لجميع الأطراف. لكن باريس التي تسعى لأن تكون صاحبة الدور الأبرز، تسعى أيضاً لعدم ترك دورها رهن الملف الرئاسي فقط، بل هي تسعى لوضعية لبنانية تتيح لها بناء تحالفات تسمح لها بلعب دور مستدام، لا يحتاج إلى مصادقة أميركية دائمة. وهذا ما يجعل الفرنسيين يناقشون الأمر من زوايا مختلفة، وفي هذا السياق يسعى الفرنسيون إلى وضع خريطة طريق جديدة تفضي إلى التقدم بمبادرة واضحة للانتخابات الرئاسية معطوفة على الملف الحكومي والملف الاقتصادي أيضاً. وقد تنتظر هذه المبادرة المزيد من المشاورات الفرنسية مع الآخرين، خصوصاً مع الولايات المتحدة التي سيزورها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قريباً إلى جانب المحادثات القائمة مع الجانب السعودي والتي يحرص الطرفان على عدم تناولها إعلامياً ولا حتى في المجالس الخاصة.
وبناء عليه، يعمل الفرنسيون الآن على خط رئيسي لا يقتصر على حوار مفتوح ودائم مع حزب الله، بل على السير في تواصل أوسع مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ومع البطريرك الماروني بشارة الراعي. حيث يبدو أن هناك رهاناً مشتركاً لدى باريس من جهة والراعي وباسيل من جهة أخرى على إنتاج اسم من خارج الأقطاب البارزين، مثل زياد بارود، وتأمين توافق مسيحي أكبر عليه، انطلاقاً من شعور قوي لدى باسيل والراعي أن الأخير قادر على أن يكون مقنعاً لبقية المكونات المسيحية، بالتالي، سيكون سهلاً على الفرنسيين العمل على تسويقه عند بقية الأطراف في لبنان وخارجه، وسيضطر الأطراف في الجبهة الأخرى من الرئيس نبيه بري إلى حزب الله إلى النائب السابق وليد جنبلاط للسير به، إما لأن بعضهم (بري وجنبلاط) قد لا يجد مشكلة في تسوية مع بارود، أو لأن طرفاً مثل حزب الله سيكون الأكثر حرجاً بين جميع اللاعبين. وهذه النقطة وحدها، تستدعي نقاشاً من نوع آخر بين الحزب والتيار الوطني الحر.
توضيح حول لقاء باسيل وبري
جاءنا من مكتب النائب جبران باسيل الآتي:
إن ما ورد في جريدة الأخبار من تفاصيل حول ترتيب اللقاء الذي جمع الرئيس نبيه بري مع الوزير جبران باسيل والذي بقي بعيداً من الإعلام، ليست دقيقة وغير واقعية، فاللقاء جاء بمبادرة من السفيرة فرح بري، وقد رحب بها فوراً باسيل وبري. مع التأكيد في الوقت نفسه على أهمية واستمرار التواصل مع جميع المرجعيات والأحزاب السياسية في البلاد ومن ضمنها الرئيس بري من أجل إيصال لبنان إلى بر الأمان وإيجاد الحلول الوطنية لمسألة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ووضع لبنان على سكة التعافي. وأضافت المعلومات أنه ليس هناك اتفاق مع بري بمعزل عن حزب الله.