لم تعمّر طويلاً المصالحة بين الأمين العام لتيّار المستقبل أحمد الحريري ورئيس «جمعيّة بيروت للتنمية الاجتماعيّة» أحمد هاشميّة. الصورة التي وزّعاها في شباط الفائت لعشاء جمعهما في أحد مطاعم وسط بيروت، بحضور اثنين من المقرّبين منهما، للرد على «شائعات خلافاتهما» يبدو أنّها «بهتت»، تماماً كالنصيحة التي وصلتهما من الرئيس سعد الحريري بلغة «الأمر» بأنه «لا يُريد عودتهما إليه مختلفين». علماً أنّ العلاقة بينهما لم تكن يوماً جيّدة، لكن ارتأى الطرفان في بعض الأحيان «تنظيم خلافاتهما»، أو رفع «الرايات البيض» عند التقائهما على تقاطعات مصالح في بعض الملفّات.اليوم، عاد الخلاف بين «الأحمدين» إلى الاحتدام إلى حد رفض أي منهما حضور مناسبات اجتماعيّة قبل أن يسأل الجهة الداعية ما إذا كان الثاني سيكون حاضراً! كما تحوّلت الجولات التي يقومان بها إلى فعل ورد فعل على بعضهما أكثر منها محاولة لترتيب بيت المستقبل. هذا ما حصل عندما قرّر هاشميّة القيام بجولة في البقاع، فأعد الحريري سريعاً جدول زيارةٍ للبقاع الغربي ينهيها برعاية مصالحة في بلدة بوارج الأحد. التنافس كان واضحاً أيضاً مع قرار الحريري أن «يفتح» على المرجعيّات الأمنيّة فيما معروف أن هاشميّة هو المسؤول عن التنسيق مع الأمنيين، ما فُهم منه أنها محاولة من الأول لسحب الملف الأمني من يد الثاني. فيما تشير المعلومات إلى أن الكباش على أشده بين الرجلين حول الاسم الذي سيرشحه المستقبل لرئاسة بلدية بيروت. فيما تروّج أوساط الحريري بأن هاشمية «فاتح على حسابو» ولا يُنسّق مع الرئيس الحريري في منفاه الإماراتي.
مع ذلك، جمع «همّ» استعادة «اتحاد جمعيّات العائلات البيروتيّة» إلى حضن «الحريريّة السياسيّة» قلب «الأحمدين»، فاتفقا على خوض المعركة كتفاً إلى كتف، وكان التنسيق يومياً بين القيادي في المستقبل جلال كبريت، المقرّب من أحمد الحريري، مع هاشمية. ولكن فور انتهاء المعركة، عاد كل منهما إلى متراسه، وعادا إلى التنافس وتبادل الاتهامات، إذ إن الحريري ينسب «الانتصار» إلى نفسه كوْنه الأمين العام للتيار وتدور في فلكه كلّ الشخصيات «الحريريّة» التي أدارت المعركة التي نجحت في «كسر شوكة» الرئيس فؤاد السنيورة والنائب فؤاد مخزومي قبل أن «يُضحّي» برؤساء «الاتحاد» السابقين الذين تحالفوا مع السنيورة، فيما شعر هاشمية بأن الأمين العام للمستقبل مرّر من جديد حيله للوصول إلى مبتغاه: «الاتحاد».
تحرّك هاشميّة في البقاع فردّ الحريري بزيارةٍ للبقاع الغربي


ويؤكد متابعون أنّ بعض «الحريريين» قاموا بتشطيب المحسوبين على هاشميّة ولم «يزمط» منهم إلا محمّد بالوظة والزميلة لينا دوغان، فيما الآخرون هم «pro أحمد». وهذا ما يعدّه هاشميّة بمثابة «ظلم» لحق بفريقه الذي هندس التحالف مع رؤساء «الاتحاد» السابقين، والذي لولاه لكان «المستقبل» مُني بهزيمة محتومة، فيما «الثمن» كان أصلاً من جيْبه بعدما تكفّل بدفع مصاريف «الاتحاد» من الكلفة التشغيليّة وصولاً إلى تنفيذ المشاريع الإنمائيّة للعاصمة، وهو ما يحصل في أكثر من ملف.
في المقابل، هناك من يشير إلى أنّ الخلاف بين الرجلين «مضبوط»، أو على الأقل لا يُزعج الرئيس الحريري الذي لا يدخل في تفاصيله ولا يقمعه، وفي معظم الأحيان يوحي بأن «ما معه خبر». والسبب في ذلك، بحسب تحليلات مقرّبين منه، أنّ الرّجل يعتبر أنّ في هذه الخلافات مصلحة له، إذ إنّ المستائين من هاشميّة يتجهون باتجاه ابن عمّته، فيما الأخير يُمكنه احتضان الغاضبين من أداء رئيس «جمعيّة بيروت للتنمية الاجتماعيّة»، خصوصاً أنّ شخصيّتيهما مختلفتان، كما نوعيّة المحيطين بهما.
أمّا على ضفّة «الأحمدين»، فإنّ المقرّبين منهما ينفون أصلاً وجود أي خلافات جوهريّة وهو «صراع طبيعي جداً»، واصفين الأمر بأنّه «تنافس من أجل خدمة النّاس، ولا ضيْر في هذه المُنافسة طالما أنّ الاثنين ينضويان تحت الراية نفسها». وينفي هؤلاء أن تكون الزيارات التي يقوم بها الحريري موجّهة ضد هاشميّة خصوصاً أنّ الحريري بدأ بجولاتٍ من قرى إقليم الخروب على أن يستكملها بزياراتٍ أُخرى ومنها البقاع الغربي، مشدّدين على أنّه رغم انقطاع التواصل المُباشر بينهما، إلا أنّ شخصيّات مقرّبة منهما تقوم بهذا الدور، ما يؤمّن التنسيق اليومي المباشر.