بين مسابقة كأس الاتحاد التنشيطية والكأس السوبر التي افتتحت الموسم الجديد الأحد الماضي، وُلدت فكرة واضحة بأن الامور لن تكون سهلةً على أي أحدٍ في الدوري، فهناك منافسة ضارية ستكون حاضرة في وجه العهد في محاولةٍ لإنزاله عن عرشه، وهناك منافسة حامية أخرى للتواجد في سداسية الأوائل بعد انتهاء المرحلة الأولى من عمر البطولة، إضافةً إلى معركةٍ واسعة في القسم الثاني من الترتيب.الدوري سيكون مختلفاً لا بشكل المنافسة فقط إنما بأشكالٍ مختلفة أخرى، على رأسها نظام البطولة الذي سيفرز عدداً أكبر من المباريات مع إضافة مرحلةٍ كاملة إلى السداسية. كما سيلعب العنصر الاجنبي دوراً جديداً بعد إقرار الاعتماد على أربعة لاعبين، الأمر الذي يفترض أن يرفع من المستوى العام، وخصوصاً إذا ظهر غالبية الأجانب قادرين على إحداث الفارق في الفرق التي انضموا إليها.

الكل «على العهد»
إذاً عهد جديد للدوري اللبناني سيجعله يمتد إلى ما يقرب من الـ 10 أشهر، وذلك وسط تحديات لكل الفرق للبقاء في جهوزيةٍ تامة، وخصوصاً أن البطولة ستتوقف مراتٍ عدة ابتداءً من نهاية الشهر الحالي، وامتداداً إلى الأشهر الثلاثة المقبلة، وذلك من أجل المهمات الدولية المرتبطة بالمنتخب، قبل أن تكون الوقفة الكبرى في الشهر الأول من السنة الجديدة بسبب مشاركته في نهائيات كأس آسيا.
لكن التحدي الأكبر سيكون بالنسبة إلى الفرق التي عزّزت صفوفها بغية المنافسة على اللقب هو في كيفية إيجاد الترياق المناسب لهزيمة العهد الذي بدا الأفضل فنيّاً في آخر موسمين.
صحيحٌ أن الفريق الأصفر خسر لقب الكأس السوبر أمام النجمة، لكن مؤشرات كثيرة تدلّ على أن بطل لبنان لا يزال الفريق الأقوى على الساحة، وقد يكون ازداد قوةً بعد التغيير الواسع في العنصر الأجنبي، وأيضاً بعودة أحد أبرز لاعبي الموسم الماضي إليه وهو الجناح زين فران، ما يجعل هجومه أقوى، وخصوصاً أن مدربه السوري رأفت محمد بدا أنه يملك الجرأة في محطاتٍ عدة، وبات لديه أسلحةً إضافية لإطلاق خطٍ ناري في المقدّمة بوجود مواطنه محمد الحلاق والاسكتلندي لي إروين والوافد حديثاً الدولي كريم درويش.
وتُضاف إلى هذه النقاط مسألة الخبرة التي يمكن أن تلعب دورها في محطاتٍ حاسمة بالنسبة إلى العهد، وخصوصاً امام منافسين يملكون عناصر شابة على غرار النجمة. لكن هذه الدماء الشابة التي يتمتع بها الأخير تبدو محرّكاً أساسياً للانطلاق نحو منصة التتويج، إذ يبقى «النبيذي» منافساً صعباً دائماً بفعل الخلطة بين الشبان وأصحاب الخبرة، بينما سيكون الترقب الوحيد هو في الإضافة التي يمكن أن يعطيها العنصر الأجنبي في المراحل اللاحقة.
الأمر عينه ينطبق على الأنصار الذي يضم نجوماً محليين على مستوى عالٍ، بدا تأثيرهم واضحاً في نتائج «الزعيم» في المواسم القريبة الماضية. لكن الأمور تبدو مغايرة الآن مع بقاء هداف البطولة السنغالي الحاج مالك تال كأجنبي وحيد من التشكيلة التي خاضت الموسم الماضي.
بالطبع يملك «الأخضر» نجوماً دوليين مميزين مثل حسن معتوق ونادر مطر وعلي طنيش «سيسي» وغيرهم، لكن سيكون للدور الأجنبي أهمية مفصلية، إذ إن التونسي حسام اللواتي كان عنصراً لا غنى عنه منذ وصوله إلى الفريق ليخلق ثنائياً منسجماً مع أي لاعبٍ في الوسط، ووصولاً إلى تفاهمه الكبير مع الحاج مالك.
دوري 2023-2024 بنظامٍ جديد وبأربعة لاعبين أجانب في كل فريق


من هو «الحصان الأسود»؟
اللواتي نفسه يمكن أن يلعب دوراً في وضع البرج بين كبار المنافسة على اللقب، فهو مع انتقاله إلى الفريق الأصفر زاده قوة بلا شك، وسط إصرار إدارة الفريق على جمع كل ما يمكن أن يفيد فريقها، فاحتل النادي العناوين في تعاقداتٍ كثيرة منها ما نقل حسن شعيتو «موني» من النجمة، وبعدها إعلان ضم هلال الحلوة، وطبعاً التوقيع مع ظهير أيسر منتخب لبنان محمد الحايك.
البرج عمل على سدّ ثغراته بعد موسمٍ حافل شارك خلاله في بطولة الأندية العربية، وهو يعمل بطموحاتٍ صريحة تجعل منه مطالباً بتحقيق أفضل مما سجّله منذ عودته إلى دوري الاضواء.
أما الأصفر الآخر أي الصفاء فهو المُطالب الاكبر بالعودة إلى صورته السابقة كمنافسٍ وكفريقٍ كبير وكلاعبٍ أساسي في البطولة. كيف لا، وهو كان الأبرز في سوق العرض والطلب باستقدامه أكثر من 20 لاعباً.
هي ورشة بكل ما للكلمة من معنى عرفها «العميد»، وحملت إليه أسماءً خبيرة وواعدة في آنٍ معاً في كل المراكز، وقد أضاف إليها عناصر أجنبية استثنائية بحيث أن لاعبيه الأجانب هم من اوروبا ومن بلدين عريقين في كرة القدم أي هولندا وألمانيا، إضافةً إلى المدرب الهولندي يان دي يونغ، ما يعني أن مقاربة مختلفة ستواجهها الفرق كلّها عندما تلعب مع بطل لبنان ثلاث مرات، والطامح الى لقبٍ أوّل منذ عام 2016.
بأسوأ الأحوال قد يكون الصفاء «الحصان الأسود» استناداً إلى الأسماء التي بات يملكها ومنها قَدِم من فريقٍ بطل بصورة الثلاثي اندرو صوايا، محمد ناصر ومحمد قدوح المنتقلين من العهد، او لاعبين آخرين سبق أن رفعوا كأس البطولة على غرار قائد الأنصار السابق حسن شعيتو «شبريكو» وزملائه غازي حنيني، احمد حجازي، وحسين الدر.
بطبيعة الحال عدد لا بأس به من الفرق تريد لعب دور «الحصان الأسود» الذي ارتبط بشباب الساحل أكثر من غيره في الموسمين الاخيرين، وهو الفريق القادر أن يؤدّي بنفس المستوى وسط الاستقرار الفني الذي يعيشه مع المدرب الصربي دراغان يوفانوفيتش والثقة المعطاة للاخير بعدما بدا قادراً على تطوير لاعبيه.

اختراق دائرة الكبار
وفي سياقٍ متصل، ستستهدف الفرق الستة الأخرى اختراق دائرة الكبار وحجز مكانٍ في سداسية الأوائل من أجل الابتعاد عن أوجاع الرأس بشكلٍ مبكر. لكن أثبتت المواسم الماضية أن تقارب مستوى العديد من الفرق يمكن أن يخلق لبعضها كبوات غير متوقعة، وهو ما واجهه مثلاً الحكمة في الموسم الماضي، فذهب إلى تعزيز تشكيلته بالجملة، معتمداً على أسماءٍ محلية وأجنبية سبق أن قدّمت نفسها بشكلٍ بارز، ومنها هداف الصفاء السنغالي أدرامي ديالو حيث سيكون مثيراً للاهتمام متابعته إلى جانب مواطنه بوكونتا سار.
كما يطمح جاره الراسينغ إلى تحقيق عودةٍ ميمونة إلى الدرجة الأولى وعدم تذوّق طعم دوري المظاليم مجدداً بعدما عمل باجتهاد لتأسيس فريقٍ جيّد بقدر ما يملك من إمكانات، ومثله فعل وصيف بطل الدرجة الثانية الأهلي النبطية بتعاقده مع فريقٍ كاملٍ إذا صحّ التعبير، وقد ترك بوادر إيجابية بوصوله إلى نهائي كأس الاتحاد.
صعود الأهلي للمرة الأولى في تاريخه سيفرض أكثر من «دربي» في الجنوب في ظل وجود الشباب الغازية الذي حسّن فريقه أيضاً بضمّه أسماءً محلية مثل الحارس حسن مغنية والمهاجم يوسف عتريس، إضافةً إلى أجانبه الأربعة، وذلك بعكس التضامن صور الذي بلا شك سيكون من الصعب عليه مجاراة الجميع بعد تأثره بالأزمة المالية التي عانى منها.
وإذا كان الجنوب سيقدّم اكثر من «دربي» فإنه بات للشمال ممثّلاً واحداً هو طرابلس بعد هبوط السلام زغرتا إلى الدرجة الثانية، ما يعني أن المسؤولية كبيرة على الطرابلسيين المتمسكين بالبقاء دائماً وبتقديم المواهب إلى الفرق الأخرى التي باتت ترصد فريقهم في كل موسم بغية خطف الأفضل منه.