حين تسمع أو تقرأ كلمة «الوداع» أو «وداعاً» غالباً ما تترك أثراً سلبياً. فوداع أي شخص له وقع محزن. وداع صديق أو حبيب أو قريب أو حتى زميل أو مكان محبب يكون صعباً في معظم الأحيان. فكيف الحال إذا كان هذا الوداع هو الأخير. كيف الحال إذا كانت كلمة «وداعاً» تسبق اسم شخص استثنائي في كل المقاييس. أول من أمس كانت عبارة «وداعاً أبو فراس». «وداعاً يوسف برجاوي» عميد الإعلاميين الرياضيين في لبنان وإحدى الشخصيات الإدارية والإعلامية الرياضية البارزة في تاريخ لبنان. أول من أمس حصل ما كان متوقعاً بحسب التشخيص الطبي، وتغلّب مرض السرطان على «أبو فراس» بعد مرحلة طويلة من حربه للمرض الخبيث... وعدم الإستسلام له. على الرغم من ذلك كان وقع الخبر محزناً جداً. كل المقربين أو العاملين في الوسط الإعلامي الرياضي كانوا يعلمون أن «أبو فراس« مريض منذ فترة، ورغم ذلك عمّ الحزن كل من عرف «أبو فراس» سواء اتفق معه في أمور أو اختلف. هناك كثيرون تلاقوا معه في العديد من المجالات التي عمل بها، وهناك آخرون اختلفوا معه، لكن من المؤكّد أنهم أحبوه.من الصعب أن تجد شخصاً لم يحب يوسف برجاوي سواء في لبنان أو في العالم العربي. شخصية استثنائية حاول الزميل إبراهيم وزنه تلخيصها في كتاب صدر قبل أقل من شهرين كتكريم له، وببادرة من رئيس جمعية الإعلاميين الرياضيين رشيد نصار وبدعم مادي من محبي «أبو فراس». أوفى الكتاب بعضاً من حق يوسف برجاوي ولكن لا شك أنه لم يفِه كلّ حقه.
من الصعب أن تكتب كلمة ـ تحية لشخص مثل يوسف برجاوي ترك بصمات عدّة في الكثير من المجالات الرياضية سواء كإعلامي أو إداري في الاتحاد اللبناني لكرة القدم. من المؤكّد أن بصمته الأبرز كانت في مجال الإعلام الرياضي. لم يكن «أبو فراس» صحفياً عادياً. نجح في أن يؤسس مدرسة خاصة به إن كان عبر أسلوبه أو مصطلحاته وتعابيره الخاصة التي ابتكرها في توصيف المباريات وغيرها من الأحداث. حوّل يوسف برجاوي الصحافة الرياضية من «كمالة عدد»، من عامود أو عامودين في آخر الصحيفة، إلى مساحة كبيرة من العمل الإعلامي الرياضي لتصبح جريدة «السفير». على مدى سنوات طويلة كان برجاوي رئيس القسم الرياضي فيها، قبل أن يصبح مديراً للتحرير، مرجعاً في مجال الصحافة الرياضية. نقل هذا المجال من الكلاسيكية والروتين والمادة الجافة إلى الحداثة والتنوّع والإثارة في تغطية الأحداث الرياضية. حضر في الكثير الكثير من المحافل الرياضية وصعد على منصات التكريم عشرات المرات، ورغم ذلك يُشعرك تاريخه أنه لم يأخذ حقه.
رحل «أبو فراس» تاركاً إرثاً معنوياً لعائلته من الصعب أن ينتهي. رحل «أبو فراس» تاركاً ذكرى ما، لدى كل فرد عاصره. رحل يوسف برجاوي وكل من عايشه يقول بغصّة «وداعاً أبو فراس».