تجدر الإشارة إلى أنه بعد الإعلان عن الصفقة المذكورة، ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، نقلاً عن مصادر مطّلعة، قولها إنه «في الأسابيع الأخيرة، خفّضت إيران بشكل كبير من سرعة إنتاج اليورانيوم المخصّب القريب من درجة تصنيع أسلحة نووية، كما قلّلت كمية صغيرة من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60%». إلّا أن الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، لم يؤكد فحوى التقریر الآنف، وإنْ قال إن «أيّ إجراء من جانب طهران في هذا الصدد سيكون موضع ترحيب في الولايات المتحدة»، لافتاً أيضاً إلى أن «أميركا لا تتفاوض بنشاط في شأن برنامج إيران النووي».
ومع ذلك، لا تزال هناك روايات متضاربة حول الاتفاق الذي تمّ الإعلان عنه يوم الخميس؛ إذ بینما تؤکد السلطات الأميركية أنه «لا يمكن إيران استخدام الأموال المحرّرة إلّا لشراء سلع غير خاضعة للعقوبات (الغذاء والأدوية وبعض المعدّات الطبية)»، تقول طهران إنها ستقرّر كيفية استخدام الأموال المفرج عنها، على أن يتمّ إنفاقها وفقاً لتقديرات المسؤولين الحكوميين لتلبية الاحتياجات المختلفة للبلاد. وفي حين ذكرت وسائل الإعلام الغربية أن حجم الأموال المفرج عنها يبلغ 6 مليارات دولار من كوريا الجنوبية، قالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية إن الرقم هو 10 مليارات دولار كانت محتجزة لدى كلّ من كوريا الجنوبية والعراق. من هنا، يبدو أن جزءاً مهمّاً من تصريحات الطرفَين يهدف إلى إرضاء الرأي العام الداخلي، لكن التناقض یزید من المخاوف حيال عدم إنهاء عملية تبادل الأسرى بين طهران وواشنطن.
كان الاتفاق الأخير بين إيران والولايات المتحدة هدفاً لانتقادات حادّة داخل كلا البلدَين
من ناحية أخرى، كان الاتفاق الأخير بين إيران والولايات المتحدة هدفاً لانتقادات حادّة داخل كلا البلدَين. وفيما وصفته وسائل الإعلام المقرّبة من الحكومة الإيرانية بأنه «إنجاز ديبلوماسي»، اعتبرته وسائل الإعلام المقرّبة من «التیار الإصلاحي» «قلیل القیمة». ووصفت صحيفة «سياست روز» الأصولية، استعادة الحكومة لجزء من الأموال الإيرانية المحتجزة بأنه «انتصار في عالم السياسة»، متّهمة «البعض الذي استاء من هذا الأمر، بضيق الأفق».
من جهته، اعتبر الديبلوماسي السابق، عبد الرضا فرجي راد، في صحیفة «تجارت» الاقتصادیة، أن «إطلاق سراح السجناء مزدوجي الجنسية في إيران، في مقابل الإفراج عن الأموال الإيرانية المجمّدة في كوريا الجنوبية والعراق، خطوة جديدة ينبغي الترحيب بها»، مشيراً إلى أنّ المفاوضات ستستمرّ بعد هذه الخطوة.
في المقابل، کتبت صحيفة «هم ميهن»، أنه قبل ثلاث سنوات، كان في إمكان إيران أن تحصل على كلّ أموالها في إطار الاتفاق النووي، لكن هذه «الفرصة» ضاعت بسبب «سوء فهم للوضع، واليوم أطلقوا هذه الموارد المالية المحدودة، بشروط، مقابل إطلاق سراح كثير من المواطنين الإيرانيين وبالطبع مزدوجي الجنسية». وبحسب «هم ميهن»، فإن هذا الاتفاق يمثّل إشارة إلى «عدم القدرة على معرفة القضايا الدولية وحلّها»، و«فهماً خاطئاً من جانب المسؤولين والمخطّطين لطبيعة العلاقات الدولية والسياسة الخارجية»، واستمرار هذه العملية «بالتأكيد سيجعل إيران تواجه المزيد من المشاكل».
ورأت صحيفة «شرق» الإصلاحية أن الاتفاق بين طهران وواشنطن هو «اتفاق المضطرّ»؛ إذ إن الحكومة الإيرانية ركنت إلى هذا الاتفاق في خضم أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية تعصف بالبلاد، التي ترقب انتخابات برلمانية. وأضافت الصحيفة إن الحكومة «أدركت أنه، من أجل عبور هذه الأزمات، فإنها بحاجة إلى اتفاق من هذا النوع لكي توهم المواطنين بالإنجازات وتحقيق مكاسب عملية»، لافتةً أيضاً إلى حاجة إدارة جو بايدن إلى مثل هذه الاتفاقات «لاستثمارها في الانتخابات المقبلة».
على المقلب الأميركي، رأت صحيفة «وول ستريت جورنال»، أن «مكافأة إيران على إطلاق سراح الرهائن تُعدّ تمويلاً للأنشطة الخبيثة، وتشجيعاً على اعتقال المزيد من الأميركيين». ووفق الصحيفة الأميركية، فإن تفسير المسؤولين الأميركيين لـ«الأغراض الإنسانية» لدفع أكثر من ستة مليارات دولار لإيران، هو «غطاء سياسي لتبرير اتفاق المال مقابل الرهائن»، مضيفةً: «على غرار الأموال التي حصلت عليها إيران من الاتفاق النووي، ستُستخدم هذه الأصول لنشر الفوضى في الشرق الأوسط وخارجه. وسيتمّ استخدام جزء منها لتقوية قوات الميليشيات داخل إيران، وجزء آخر لإنتاج طائرات مسيّرة لاستخدامها في حرب روسيا ضد أوكرانيا».