منذ بدء موضة الدراما التركية المدبلجة على المحطّات العربية بمعيّة الشركات السورية، وأوّلها «سامة» التي دبلجت المسلسلين الشهيرين «سنوات الضياع» و «نور»، والآراء النقدية تجابه هذه «الصرعة». يعتبر المنتقدون أنّ هذه الموضة فرّغت، بقصد أو من دونه، الدراما المحلية من مضامينها، وغرّبتها عن الواقع الذي نعيشه، عدا عن فكرة أنّها تقدّم قصص حبّ ساذجة وصراعات رجال أعمال، ومافيات، وروايات بوليسية غير منطقية لا تمتّ للواقع العربي بصلة.
يتشارك محمود نصر بطولة «كريستال» مع باميلا الكيك وستيفاني عطا الله

عموماً، يمكن القول إنّ الدراما السورية حصدت اهتماماً وافياً وانتشاراً لافتاً بذريعة تماسها المباشر مع القضايا الصغرى للمواطن، ناهيك بتصدّيها لقضاياها الكبرى في أعمال حفرت مكانها في وجدان المشاهد، كما حصل مثلاً مع «التغريبة الفلسطينية» (كتابة وليد سيف، وإخراج الراحل حاتم علي). ومع ذلك، ظلّت هذه الآراء مجرّد «غثاء سيل» لا تنفع ولا تضرّ في مواجهة الموجة التي استمرت بوفرة، إلى درجة أنّ الأعمال المدبلجة حجزت مكانها على كامل الفضاء العربي. الأمر لم يتوقّف هنا، بل تعدّاه بأشواط عندما تطوّرت هذه الموضة وراحت نحو تعريب الأعمال الأجنبية وإعادة كتابتها وتصويرها في الوطن العربي. كذلك، استقطبت أبرز الأسماء لإنجازها مقابل أجور كبيرة، كما حدث مع مسلسل «تانغو» (تعريب إياد أبو الشامات، وإخراج رامي حنّا ــ بطولة باسل خياط وباسم مغنية ودانا مارديني ودانييلا رحمة). ثم ذهبت الصناعة الجديدة إلى مكان أبعد من ذلك، من خلال تعريب الأعمال التركية خصوصاً، وتنفيذها مع فريق فني تركي ــ عربي، وتصويرها في تركيا بالاتكاء على نجوم سوريين ولبنانيين، ومن ثم اقتطاع حصّة وافية من الدعاية والإعلان لمثل هذه الأعمال، كونها تحقق أعلى نسب مشاهدة. هذا ما حصل فعلاً مع مسلسل «ستيلتو» (تعريب لبنى مشلح ومي حايك، وإخراج إندر إيمير) المأخوذ عن المسلسل التركي «جرائم صغيرة». تحققت هنا المعادلة بحذافيرها، وخاصة أن أدوار البطولة ذهبت إلى السوريين كاريس بشار وديمة قندلفت وقيس الشيخ نجيب وسامر المصري واللبنانية ندى أبو فرحات وآخرين.

شارك باسل خيّاط ودانييلا رحمة في بطولة «تانغو»

في «ستيلتو»، كان المشاهد أمام عرض أزياء مفتوح، ورفاهية مستفزّة وادعاء واهم بأن القصة تدور في لبنان، رغم نأيها المطلق عن واقع هذا البلد، عدا عن الاحتفالات الفارهة والعزائم المبالغ فيها، واللهو المستمرّ والبناء الدارمي المهلهل الخالي من أيّ عناصر جذب والإبهار البصري الذي تعتاده العين بعد حلقات عدّة، ويصبح بلا أيّ معنى في غياب التصعيد اللازم في جوهر الدراما. الأمر نفسه تكرّر في مسلسل «الثمن» (بطولة باسل خياط ورزان جمال وسارة أبي كنعان ورفيق علي أحمد وآخرون) المأخوذ عن التركي «ويبقى الحب»، وهو يجترّ نفسه أيضاً حالياً في «كريستال» (90 حلقة يعرض على موسمين ــ سيناريو وحوار: لبنى مشلح ومي حايك، وإخراج: هاكان أرسلان) الذي يتصدّره النجم السوري محمود نصر إلى جانب اللبنانيتَين باميلا الكيك وستيفاني عطا الله. تبدو النقطة المضيئة الوحيدة في هذا العمل، هي ظهور الحرفية لدى بعض النجوم الشباب، أبرزهم الممثل السوري خالد شباط الذي يلفت النظر لبراعته في إجادة اللهجة اللبنانية، ولعبه دوراً لافتاً لمصاب بمتلازمة نادرة. لكن ماذا عن الحكاية؟ إنّها لا تتخطى الـ «كليشيه» المعتاد لمثل هذه الأعمال: فتاتان تتصارعان على رجل واحد.
في السياق نفسه، يصوّر في تركيا النجوم السوريون أيمن زيدان وأيمن رضا وفادي صبيح وسامر إسماعيل ويارا صبري، مسلسلاً بعنوان «في الداخل»، مأخوذ عن عمل تركي يحمل الاسم نفسه. تدور أحداثه حول زعيم مافيا يدخل مع الدولة في صراع طويل الأمد بسبب نشاطه غير القانوني وسلوكه الإجرامي.
رغم سذاجة هذه الأعمال وسخافة الطرح، إلا أنّها تجذب المشاهد العربي. لكن بحسب بعض المنتجين والعاملين في الدراما السورية، باتت هذه النوعية من الأعمال سبباً حقيقياً وراء كساد صناعة الدراما في سوريا هذه الأيّام. في الموسم الماضي مثلاً، صُوِّرت مجموعة مسلسلات لم تجد طريقها إلى العرض، من بينها «البوابات السبع» (إخراج محمد عبد العزيز ــ 10 حلقات). كما سبقه مسلسل «روز» (كتابة طلال مارديني، وإخراج عبّاس شرف ــ 10 حلقات) الذي بقي محفوظاً على الـ «هاردات» (Hard Disk). فضلاً عن مسلسل «كانون» (كتابة علاء مهنا، وإخراج إياد نحّاس ــ 30 حلقة) و«وصايا الصبّار» (كتابة فادي الحسين، وإخراج سمير حسين ــ 10 حلقات) و«مال القبّان» (كتابة علي وجيه ويامن الحجلي، وإخراج سيف السبيعي) وغيرها.
إذاً، نتحدّث عن الأعمال المحلية الخالصة التي تراجعت نسبة إنتاجها على مستوى الكمّ بشكل ملحوظ هذا الموسم الذي يشي بجمود صريح. الأكيد أنّ الأمر يعود إلى أسباب عدّة، من بينها الضغوط الاقتصادية والحصار الأميركي وانهيار سعر صرف الليرة وارتفاع أسعار المحروقات والمواد الأساسية، إضافة إلى التهاوي الخدماتي الذي لا يتوقّف. وهناك سبب آخر يتمثّل في سفر مجموعة كبيرة من الفنيين والممثلين إلى تركيا للعمل في تلك المسلسلات المعرّبة التي تدفع أجوراً جيدة، وتوفّر إقامات محترمة أثناء الفترات الطويلة التي تدور خلالها الكاميرا. حول هذا الموضوع وحيثياته وأسباب تراجع عجلة الإنتاج وبزوغ ملامح موسم مضروب، يقول المنتج فراس الجاجة (أفاميا الدولية للإنتاج الفني) في حديث إلى «الأخبار» إنّ «أهم الأسباب هو عدم انسجام المنطق المالي والكلفة الإنتاجية مع أسعار المحطات وقنوات العرض. هناك مثل شعبي بسيط يلخّص القصة: من عرف رأس ماله باع واشترى». ويتابع: «العام الماضي، تعرّضت أعمال للكساد وأقرن كلامي بالبراهين والأدلة. إذ إنّ هناك قرابة ثمانية أعمال بين قصيرة وطويلة تتجاوز كلفتها ما يعادل الـ 7 ملايين دولار أميركي، بقيت جميعها في أدراج منتجيها. تلقّى المنتجون صفعة قوية، ولا سيّما أنّ غالبيتهم تدخل السوق للمرّة الأولى، وعلمت متأخرةً أنّ اللعبة الإنتاجية هي دورة إنتاج وتسويق وميزانيات ولغة أرقام أوّلاً».

رزان جمّال في مشهد من «الثمن»

ويضيف: «نلخّص القصة بلغة الأرقام وبطريقة مبسطة. حينما تكون كلفة الإنتاج 10 ليرات مثلاً، وأحصل على ليرة واحدة ثمناً لعملي لكنّني أبيعه لعشر محطات، أكون قد جمعت رأس مالي. لكن حينما تكون كلفة منتجي 300 ليرة ولا أستطيع بيعه، حينها تتحمل المسؤولية أوّلاً شركات الإنتاج التي لا تدرك طبيعة السوق، ولا تقرأ المعطيات بشكل صحيح، ولا تسعى إلا لدوران الكاميرا». أما المشكلة الثالثة بالنسبة إلى الجهات المنتجة السورية، فيلخّصها الجاجة بـ «أجور النجوم الذين يطلبون أرقاماً فلكية لا تنسجم مع وضع السوق. فماذا يعني أن يطلب ممثل مبلغاً وقدره مليار ليرة سورية على دور في مسلسل محلّي؟. نحن كمنتجين لا نملك جهات تجارية عملاقة كـ «رعاة رسميين»، ولا بنوك ضخمة توقّع عقود رعاية. كذلك، لا توجد شركات اتصالات مهتمة للإعلان من خلال اسم هذا الممثل وتتكفّل بأجره. ليس لدينا سوق عرض أو محطّات ومعلنين يشرّعون المنافسة على منتجنا». ويكمل: «كل ما هناك أنّنا نبيع أعمالنا في سوريا إلى قنوات «سما» وLTV و«التلفزيون السوري»، لكن مجمل ما تدفعه لا يساوي إلا الفتات حرفياً. إذاً، هذه هي القيمة السوقية لأيّ نجم سوري في بلاده، وعليه أن يتقبّل الحقيقة المرّة... حتى نكون واضحين، هناك أربعة أو خمسة ممثلين أسماؤهم بيّاعة ويعرفهم الجميع. أما الباقي، فكلّهم في كفّة واحدة بمفهوم المحطّات والمنصّات والمعلن. لذا فإنّ ضعف الرؤية وتهديد الصناعة، يبدآن من النجم الذي يبالغ في أجره من دون أن يعي قيمته السوقية الواقعية».
تراجعت نسبة إنتاج المسلسلات السورية على مستوى الكمّ


وفي ما يتعلّق بالمصاعب التي تواجه المنتج حالياً، يقول الجاجة إنّه إذا لم يكن المنتج السوري «متماسكاً وفق شروط السوق، فسيصبح خارج اللعبة. لأنّه لن يكون مستعداً لتقديم الهدايا، ودفع الرشى ربّما، وتوسيع العلاقات بطريقة قد لا تكون مثالية، لكي يستطيع تدبّر الوضع. وفضلاً عن النجوم، نحن نواجه طلبات غير منطقية حتى من بعض المخرجين... مع تلاشي المساحة المتاحة للأعمال بالسوية المتوسطة من ناحية الميزانيات وغيرها، فيما يرهق المنتج اليوم بتكاليف هائلة، من طعام وشراب ومواصلات وغيرها، وسط موجة غلاء مرعبة».
الأمر لا يتوقّف عند هذا الحدّ بل يتعدّاه لسبب آخر وجوهري، وهو أنّ الأعمال التركية سحبت نسبة كبيرة من الممثلين والفنيين. تلك الظروف لن تثني «أفاميا» عن الدخول في خضم الإنتاج بمجموعة أعمال تحت مظلّة شركة «قبنض»، لأنّه بحسب الجاجة «التحدّيات كبيرة لكن الشغف مستمرّ. كان لا بد من تنسيق الجهود للدخول في مجموعة أعمال ضخمة توفّر كل المتطلبات التسويقية، بالتعاون مع مجموعة نجوم وازنين ينسجمون مع سمعة الدراما السورية أيّام عصرها الذهبي».



تعريب ودبلجة... ودمار الدراما المحلية
قبيل عام 2011 ونتيجة التقارب السوري ــ التركي آنذاك، فُتحت الحدود بين البلدين لإغراق الأسواق السورية بالبضائع التركية المنافسة على مستوى الجودة والأسعار. أمر أدّى إلى انهيار حقيقي في جزء يسير من الصناعات السورية. ثم تهاوت المسألة إلى حدود أقفلت فيها بعض المؤسسات أبوابها، وتسببت في كساد مصانع وصناعات كانت تعتمد على السوق المحلّي، وخصوصاً في مدينة حلب التي تعتبر عاصمة لاقتصاد البلاد. بالتوازي مع ذلك، كانت الصناعة السورية الأبرز، أي الدراما التلفزيونية، تتعرّض لضرر بالغ بسبب موضة الدوبلاج التي أُطلقت بالاعتماد على منتجين سوريين. يومها، أغرق هؤلاء السوق الفضائي بأعمال تركية مدبلجة، لكنّها تحمل اللهجة السورية المحببة والمنتشرة بفضل الدراما المحلية. لاحقاً، ومع اندلاع نيران الحرب، خرجت تقارير إعلامية عدّة توجّه أصابع الاتهام نحو الأتراك بالإفادة من الفوضى وسرقة مصانع حلب. حتى صار بعض المؤيدين للسلطة السورية يطلقون على الرئيس التركي رجب طيّب إردوغان لقب «لصّ حلب». لاحقاً، عاثت الأعمال التركية المعرّبة بواقع الدراما السورية، وجعلتها تدخل في مواسم قاحلة من خلال استقطاب النجوم والخبرات الفنية على أعمال لا تقول شيئاً سوى إنّها تستنسخ مسلسلات تركية بعيدة عن واقعنا.
المقاربة تبدو دقيقة. تماماً كما أسهم السلوك الحكومي السوري العاطفي في عطب جزء من الصناعات الوطنية، عندما فتح السوق السورية للبضاعة التركية. كذلك، شارك أصحاب القرار والنفوذ الدرامي العربي، في إصابة الصناعة السورية الثقيلة، أي الدراما، بخلل واضح، لدى استبدالها بالدراما المدبلجة أوّلاً، ثم المعرّبة حالياً.
وكانت الدراما السورية، التي سبق أن فنّدت جرائم الاحتلال العثماني في أعمال مثل «إخوة التراب» (كتابة حسن م يوسف، وإخراج نجدت أنزور)، قد وصلت إلى مكان صارت تغازل فيه هذا الاحتلال، كما تحاول إنصافه على حدّ زعم صانعيها، وتحديداً في مسلسل «سقوط الخلافة» (تأليف يسري الجندي، وإخراج محمد عزيزية). يومها، أُسند دور السلطان عبد الحميد إلى النجم السوري عباس النوري، فيما وقفت إلى جانبه مجموعة من الممثلين المصريين والسوريين والعراقيين، من بينهم أسعد فضة، وأحمد راتب، وريم علي، وباسم قهار، وغيرهم. في ذلك الحين، خرجت تصريحات متباهية بإنجاز مسلسل «ينصف الأتراك»، ويعيد قراءة التاريخ بنظرة مختلفة تردّ الاعتبار إلى تركيا. السبب أنّ هذه الأخيرة، ممثلةً برئيس وزرائها في ذلك الوقت رجب طيب إردوغان، اتخذت أخيراً مواقف «مشرّفة» من القضية الفلسطينية، ووصلت إلى الدراما التي أثارت «غضب إسرائيل». لذا، كان ينبغي للدراما العربية، وفق وجهة النظر تلك، «أن تردّ جزءاً من الجميل للأتراك عبر عمل تاريخي يصحّح النظرة السائدة عن الإمبراطورية العثمانية». ومن ثم اعتبرت أنّ مثل هذا العمل «يكشف عن الوجه الحقيقي للسلطان عبد الحميد الذي يعتبر نموذجاً مشرّفاً في الخلافة العثمانية»، على الرغم من اتهامه التاريخي بارتكاب المجازر بحق الأرمن لدرجة تسميته بـ «السلطان الأحمر».
ثم راحت تلك الأصوات تطالب بإنجاز مجموعة من هذه الأعمال التي تصحح المفاهيم المغلوطة عن الأتراك. وكأنّ المواقف السياسية تبرّر تحريف الأحداث التاريخية وتقديم الشخصيات بصيغة تمجيدية، وبهالة من القداسة كنوع من العرفان بالجميل.


مشاريع قيد التصوير: حكايات معاصرة من قلب المجتمع
رغم كل ما عرضناه، تحاول الدراما السورية المحلية الاستمرار وسط هذا الواقع المأساوي، فحتى هذه اللحظة ورغم مرور ما يقرب من أربعة أشهر على انقضاء الموسم الرمضاني، صُوّر في سوريا مسلسل قصير واحد هو «عقد إلحاق» (12 حلقة ــ تأليف أحمد أبو شقير ودعاء حرون وهدى بيرقدار، وإخراج ورد حيدر). يسلّط العمل الضوء على أطفال دور الأيتام ومجهولي النسب، وقصصهم الموغلة في الدراما وواقعهم المأساوي ونظرة المجتمع إليهم، مع حرص فريق العمل على إحاطة الحكاية بالسرية المطلقة إلى حين عرضها على الشاشة.

تحضّر «غولدن لاين» لجزء ثانٍ من «العربجي»

في غضون ذلك، أعلنت شركة «غولدن لاين» عن استعدادها لإنجاز جزء ثانٍ من مسلسل «العربجي» (كتابة عثمان جحى ومؤيد النابلسي، وإخراج سيف السبيعي)، ومسلسل معاصر للكاتبين نفسيهما بعنوان «الحريقة» (إخراج سيف الشيخ نجيب ــ بطولة سلّوم حداد وباسم ياخور). يروي الأخير قصّة من جوهر المجتمع السوري، وتحديداً قطاع التجّار المتّهمين برفع الأسعار ووقفوهم صفّاً واحداً مع السلطة في مواجهة الاحتجاجات التي تحوّلت إلى حرب مسعورة. ومن هذا المحور الغني، تنطلق قصّة «أيوب» (سلوم حداد)، وهو كبير التجّار الذي يجد نفسه أمام تحدّيات خطيرة، وسط انهيارات متلاحقة تحدث من حوله بسبب ظروف البلاد ككل، ما يجعله يستشرس ويضرب من تحت الحزام من دون أن يوفّر أحداً، من أجل الحفاظ على سلامته وحماية وزنه وثقله التجاري والاجتماعي. إلى درجة أنّه يجد نفسه في صراع مباشر مع «عربي» (باسم ياخور)، وهو ابن أخيه وأحد أهم وجاهات السوق وقادته. الحكاية تنحو باتجاه مطارح خام لم يتم التطرّق إليها سابقاً. لذا، فإنّها تحتمل أن تكون بمثابة بحث جريء لم يسبق لمنبر سوري أن ذهب في اتجاهه، كما أنّها يمكن أن تكتفي بالتسلية والترفيه وتقديم جرعة صراع مختلفة على الأقل من ناحية مسرح هذه الأحداث، والطريقة التي تتصاعد فيها الدراما. من ناحيتها، تستعد شركة «قبنض» لتقديم مسلسل «صديقات» (كتابة أحمد السيّد، وإخراج محمد زهير رجب). إنّه عمل اجتماعي معاصر يجمع كوكبة من نجمات الدراما السورية، من بينهن: صباح الجزائري، وسوزان نجم الدين، وأمل عرفة، ورنا شميس، وناظلي الرواس... لنشاهد حكاية واقعية معاصرة، تحشد لها الشركة بمنطق وأسلوب جديدَيْن «كلّ الإمكانات اللازمة»، كما تقول. أما جوهر الحكاية، فيتكئ على معطيات حياتية لسيّدة تمكّنت من بناء إمبراطورية مالية وسطوة واسعة من خلال تشغيلها لمجموعة راقصات وتكوين علاقات مع أصحاب نفوذ. تتقفى القصة مسيرة هؤلاء النساء، وإلى أين تأخذهن الدروب، وما هي المصائر التي سيصلن إليها.