لو أنك كتبت أنت الرثاء وأعفيتنا جميعاً من هذا الحمل، لو أنك، أنت، قلت ما تحب أن يقال فيك، وأن يحجب عن اسمك ما كنت راغباً في محوه، لو أنك قلت لنا كيف تحب رسم صورتك في لحظة الغياب، لو أنك قلت دعكم من هذه الحكاية، وتلك الرحلة، ولا تقفوا عند هذا التل، وعودوا بي الى حيث رغبت في أن أكون في لحظة الوحدة. فمن منا يقدر على تخيّل ما كنت تفكر فيه أخيراً. لو فعلت ذلك لرسبنا جميعاً في امتحان الحديث عنك، وربما، لو أتيحت الفرصة لكل من يريد تذكّرك، أن تكشف فيه علامات الضعف إن قصّر أو بالغ في الكلام، وكان سيكون لضحكتك أن تسخر من كل ألاعيبنا. ونحن نحاول الآن، بعد فوات الأوان، التعرّف على ما كنت عليه أنت، في آخر الزمان. كنت ستمزق كل الأوراق التي كتبت، وربما احتفظت ببعضها، إن وجدت فيها الحب الذي تشتهيه، وكنت لعرفت من بيننا الأقرب الى عقلك أو قلبك أو من يقدر على الاقتراب من حقيقة أحلامك.