تسبّبت انتخابات «المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى» بمزيد من الانقسام والشرذمة في السّاحة السنيّة بعدما خاض المتنافسون معارك طاحنة، ثبّتت نتائجها، في كل الدوائر، فقدان المرجعيّة السنيّة، إذ إن أياً من القوى السياسيّة لم تكن قادرة على تسييل «بلوكات» تجييريّة تُمكّنها من «عرض عضلاتها» من دون تحالفاتٍ من فوق الطّاولة أو تحتها. أنهى استحقاق الأمس الـ«زي ما هيي» بعدما أصاب الوهن مفاصل تيّار المستقبل، إثر ضربات سياسية وماليّة مُتلاحقة انتهت بخروجه من الحياة السياسيّة، كما أنهى الأُحاديّة السنيّة التي أرساها الرئيس رفيق الحريري، وأحيا بدلاً منها «جيوباً» داخل الطائفة لا تخوض حروباً إلغائيّة علنيّة ضد بعضها، لأنّها غير قادرة أصلاً على ذلك. غير أن مفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان هو النموذج الفاقع بينها؛ الرّجل الذي تُمنّي السعوديّة نفسها بأن تجعل منه المرجعيّة السياسيّة والدينيّة الأقوى داخل الطائفة، والذي نال تمديداً من دون «تشريع سياسي» من أيّ رئيس حكومة، والذي يُخطّط له كي «يكمش» السّاحة ويقضم من حصّة تيّار الرئيس سعد الحريري، بدا في معركة «الشرعي» في بيروت أمس، أضعف من ذلك بكثير، بعدما فشل في إيصال لائحة تبنّاها في السر وسوّقها في العلن