كما بات معلوماً، استمعت هيئة التفتيش القضائي برئاسة القاضية سمر السواح، أول من أمس، إلى أعضاء الهيئة الإدارية لنادي القضاة (6 قضاة) تبعاً لملف قدّمه وزير العدل هنري خوري إلى الهيئة تضمّن كل أنشطة النادي منذ تولّي خوري مهامه الوزارية، وعشرات البيانات الصادرة عن النادي في السنوات الماضية، وإشارة إلى مشاركة رئيس النادي القاضي فيصل مكّي في برنامج تلفزيوني. ووفق مصادر العدلية شكّلت بيانات النادي، برأي خوري، «خرقاً لموجب التحفّظ، وضرراً بمصالح القضاء الذي يشهد انقساماً، ولا يحتمل في هذا الوضع الدقيق تحويل النادي إلى شبه منصّة إعلامية لتحقيق مصالح سياسية وشخصية، سيّما أنّه يثير استياء قضاة آخرين يشعرون وكأنه يصادر قرارهم ويتحدّث باسمهم، ومن غير المضمون ألا يسعوا إلى إنشاء نوادٍ أخرى مقابلة». وأشارت المصادر إلى أنّ خوري «سبق أن طلب من مكي توقّف النادي عن إصدار البيانات السياسية»، لافتة إلى أن «الإحالة هذه المرة جاءت في سياق طلب القاضية السواح من خوري كامل الملف المرتبط بإحالاتٍ ثلاث سابقة لمكي أمام التفتيش القضائي». مع العلم أن الإحالات السابقة طاولت مكي حصراً بصفته قاضياً، ولا علاقة لها بـ«النادي» وهيئته الإدارية والقضاة المنتسبين إليه.في المقابل، عُلِمَ أنّ أعضاء الهيئة الإدارية للنادي قدّموا، في جلسة الاستماع، «السند القانوني لحقّهم في التجمّع وممارسة نشاطاتهم المكفولة في النظام الداخلي للنادي، وفي قانون الجمعيات الذي حصل النادي وفق أحكامه على عِلم وخبر عام 2018». ووصفت مصادر قضائية خطوة خوري بـ«السقطة القانونية» نظراً إلى كون صلاحية الهيئة في التحقيق «تنحصر في ارتكابات قاضٍ بعينه خالف الموجبات المنصوصة قانوناً كموجب التحفّظ وإصدار حكم متحيّز... ، وليس في مخالفات جمعية قضاة تتمتّع بشخصية معنوية مستقلّة ليس لوزارة العدل أي سلطة عليها». ويؤكّد قانونيون أنّ لمجلس الوزراء وحده صلاحية أخذ إجراءٍ بحق النادي، «إذا ما اعتبره جمعية أشرار تضرّ بأمن البلد، فله أن يسحب منه العلم والخبر».
موجب التحفّظ لا يمنع القاضي من التعبير عن آرائه حيال قضايا متّصلة بالشأن العام


عملياً، وطالما أنّ التفتيش باشر النظر في الملف، تستطيع القاضية السواح إحالة رئيس النادي وقضاة الهيئة الإدارية على المجلس التأديبي الذي تتدرّج عقوباته من التنبيه إلى الصرف من الخدمة. وهنا تتوقّع مصادر قضائية أن يحتدِم النقاش حول قانونية الإحالة من أصلها أمام التفتيش. وتلفت إلى أنّ موجب التحفّظ يمنع القاضي من التحدّث عن قضايا ينظر فيها، حرصاً على ضمان حياديته، ولا تمنعه من التعبير عن آرائه حيال قضايا متّصلة بالشأن العام والإصلاح القضائي وحقوق الإنسان.
وتتوقّف الأوساط القضائية عند مفارقة أنّ خوري، قبل أن يتحوّل إلى رجل سياسي، «كان من القضاة الذين ناضلوا لتشكيل تجمّع قضائي، لطالما رفضت السلطة السياسية نشوءه، إلى أنّ وُلد نادي قضاة لبنان عام 2018»، مشيرة الى أن النادي نفسه «كرّم خوري قبل سنوات عندما أنهى عمله في مجلس شورى الدولة».
خطوة الوزير أثارت أجواء من الاستياء في صفوف القضاة ومن بينهم من يختلفون مع النادي ومقارباته، إذ يرون في الأمر «افتعال معركة في توقيت خاطئ، ما سيزيد التعقيدات في بيئة العمل القضائية المُختلّة أصلاً بفعل سوء أحوال العدليات، وكمّ المشكلات العالقة على مستوى الانتدابات، وشغور المراكز، وفقدان الرواتب لقيمتها وما نتج عن كل ذلك من إحباط وتزايد طلبات الاستقالة والاستيداع». وسط كل ذلك، يبقى رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود في «عالم آخر»، ويتصرّف كشاهد زورٍ غير معنيّ بما يحصل.