صنعاء | تعيش أميركا حالة تخبّط بعد فشل كلّ عملياتها العسكرية التي نفّذتها على مدى الأسبوعين الماضيين ضد ما قالت إنها أهداف حساسة لحركة «أنصار الله»، في وقف عمليات صنعاء ضد الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، فيما تبيّن أن المواقع المستهدفة سبق لقوات التحالف السعودي - الإماراتي أن شنّت عليها عشرات الغارات الجوية. وفي إطار العمليات الهجومية المتبادلة، أكّدت مصادر مقرّبة من «أنصار الله»، لـ«الأخبار»، أن صنعاء أوشكت على إنهاء ترتيباتها لشن عملية عسكرية واسعة النطاق على القوات الأميركية والبريطانية في البحريْن الأحمر والعربي، وذلك رداً على الغارات التي يشنها البلدان على اليمن. وكانت القيادة المركزية الأميركية، ربطاً بآخر الاعتداءات المُسجّلة يوم الجمعة، زعمت أنها شنّت غارتين على أهداف حساسة، من دون أن تذكر اسم المنطقة المستهدفة، في حين ذكرت وسائل إعلام في صنعاء وقتها أن تلك المنطقة هي الجبانة الواقعة في جنوب مدينة الحديدة، بالقرب من مطار المدينة، والتي تضم معسكراً مهجوراً منذ سنوات. إلا أن مصادر مطّلعة استبعدت، في حديث إلى «الأخبار»، أن تكون الضربة قد وقعت هناك، مرجحةً أن تكون قد استهدفت مناطق واقعة على التماس مع المحافظات الجنوبية. ورغم إشارة واشنطن إلى أن العملية أفشلت محاولة استهداف سفن في البحر العربي وخليج عدن، إلا أن صنعاء تعتمد في ردّها على هذه المزاعم، تنفيذ المزيد من الهجمات، التي تؤكد من خلالها أن قدراتها العسكرية بعيدة عن المخاطر. وبينما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن الولايات المتحدة تخطّط لحرب مستمرة في اليمن لا تشمل غزواً برياً، لكنها تنطوي على تكثيف للضربات إلى حدّ إضعاف القدرات اليمنية، فإن الجانب اليمني اتّبع ولا يزال، في مواجهته مع الولايات المتحدة، إستراتيجية النفس الطويل، والتي أكّدها قائد «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، في خطابه الأخير قبل أيام.
واشنطن تضغط على شركات الشحن لوقف إبحارها عبر البحر الأحمر


في هذا الوقت، انتقلت الإدارة الأميركية إلى حرب الضغط على شركات الشحن لوقف إبحارها عبر البحر الأحمر، وذلك بعد أيام من إيقاف السفن ومنعها من المرور في مضيق باب المندب واحتجازها بالقرب من السواحل الجيبوتية. وأكّدت مصادر ملاحية يمنية، لـ«الأخبار»، أن حركة الناقلات في البحر الأحمر متواصلة، لكنها تراجعت بفعل إعلان عدد من شركات الملاحة الدولية وقف إبحار سفنها من الممر الملاحي الدولي، نتيجة الضغوط الأميركية على إدارات الشركات المشغّلة لها. وأشارت المصادر إلى أن الوضع الملاحي حتى منتصف الشهر الماضي كان شبه طبيعي، ولكن بعد إنشاء تحالف «حارس الازدهار»، بدأت الحركة بالتراجع التدريجي بفعل المخاوف التي تسبّبت بها الولايات المتحدة، جرّاء حشدها البوارج والمدمّرات في البحريْن الأحمر والعربي تحت ذريعة تأمين الملاحة البحرية.
ولفتت المصادر إلى أن البحرية اليمنية تفرض تواجدها العسكري على امتداد المياه الإقليمية، مضيفةً أن غالبية السفن التي تمر عبر البحر الأحمر تتواصل مع القوات البحرية التابعة لصنعاء على «القناة 16»، ويتم السماح لها بالمرور من دون اعتراض، باستثناء تلك التي تحاول المرور بحماية سفن عسكرية وتكون في الغالب أميركية، أو السفن التي تتعمّد إغلاق أجهزة التعريف وإخفاء هويتها ووجهة سفرها. وأشارت إلى أن مرور السفن المتجهة نحو موانئ الاحتلال الإسرائيلي توقّف في البحر الأحمر بعد فشل «التحالف» في تمرير أي سفينة إلى هناك، خلال الشهر الفائت، وهو ما يفسر تراجع الهجمات العسكرية اليمنية على هذه السفن. 
وبالتوازي مع ذلك، حاولت صنعاء، عبر عدد من القنوات الدبلوماسية، تبديد مخاوف كثيرة من تداعيات عملياتها، والتحذير في المقابل من مخاطر التحشيد الأميركي - البريطاني على الملاحة الدولية في أهم المضائق المائية. ووفقاً لبيان أصدرته وزارة الخارجية في حكومة الإنقاذ، أمس، فإن الأخيرة لقيت تفهّماً دولياً وحرصاً على أمن الممر الملاحي الدولي. واتهمت الوزارة، الولايات المتحدة، بوقف عشرات السفن التي كانت مرت عبر البحر الأحمر بسلاسة، ومن دون أي مخاطر، قبالة قناة السويس ومنعها من المرور، بهدف الضغط على مصر التي رفضت كل الإغراءات الأميركية خلال الفترة الماضية لدفعها إلى الانخراط في إطار تحالف «حارس الازدهار». وأدرج وزير الإعلام في الحكومة نفسها، ضيف الله الشامي، بدوره، تلك الممارسات في خانة الابتزاز، ومحاولة تصوير عمليات صنعاء على أنها المتسبّبة بتعرقل السفن التجارية، وبالتالي خلق أزمة عالمية من أجل إنقاذ إسرائيل، حتى وإن خاطرت باقتصاد العالم.