لا تكفّ وسائط الترفيه عن ضخ الابتذال وإثارة الصيحات الهابطة وسط تلقٍّ جامح يستسيغ إسفافها. دُمى، يقال عنهم فنانون، يتركون كلمات أغانيهم جانباً ويفتحون أفواههم فقط لإظهار نصاعة أسنانهم البيضاء الهوليوودية. فنانة لمعت بأدوارٍ سبق أن أدّتها في أفلامها قد قررت التخلي عن التمثيل لتتقمّص دمية. في واحدة من أعتى لحظات التاريخ وأضجرها، يبدو وضع البشرية ملهاة هزلية لا قفلة نهائية لها. لقد دُمر تمثال أبي علاء المعري بضربة قاضية قُطع عنه رأسه دون أن يثير الخبر أيّ ضجّة، لكن فور أن حطّ المدعو تامر حسني قدميه على خشبة المسرح حتى أغمي على مئات الحاضرين والبكاء كان شديداً.

حادثة من شأنها أن تثير الضحك الهازئ، ولكنها تثير الإحباط الشديد أيضاً، ذلك أن الإغماء هذا يعيدنا إلى الستينيات، ولأنه يذكّرنا بـالبيتلز، بالفيس بريسلي، وشتّان بينهما وبين تامر حسني. كان عدد الحاضرين في حفلة عمرو دياب حوالي الخمسة عشر ألفاً. بيروت كانت، كما أرادها «الدوتشي» عمرو دياب، مطليّة بالأبيض وسط ليلها الحالك. خمسة عشر ألفاً ارتدوا لباساً أبيضَ، لم ينطق أحد منهم بكلمة سيئة إذعاناً لشروط «ملك البيبسي»، حتى زيارته «الطربيّة» الخاطفة لحفلة زفاف ابن أحد أكبر المدراء التنفيذيين للانهيار اللبناني قد غُضّ النظر عنها (اللافت أن عدداً كبيراً من المشاركين في الحفل كانوا يحملون شعار «فليسقط الفن المعاصر» في احتجاجات 2019). أما عربياً، فالمناخ ما زال غير مستقر. الحرارة مرتفعة، ما يؤثر على منسوب الرطوبة وارتفاع هيجان الأعصاب، لذلك فالجوّ ملائم للاعتباطية وممارسة المنع. مُنع فيلم «باربي» لأسبابٍ غير واضحة تماماً وجزء كبير منها لم يُكشف بعد، وعسى أن تكون «باربي» أكبر المصائب. من ناحيةٍ ثانية، فقد سجّل فيلم «أوبنهايمر» أكبر عدد من المراجعات «النقدية»، والسبب، على الأرجح، يعود إلى فيتيشية القنبلة الذرية وتجسيدها لأكثر سؤال\مقولة رائج عربياً: «أين أصبح النيزك؟»، لن نستبق مقالات هذا العدد، لأن مقالة عن «أوبنهايمر» وقنبلته حاضرة، مثلما هناك مقالة عن «باربي» وعن «الدوتشي» عمرو دياب، وعن ممارسات التشتيت و«الكيتش» أيضاً، فـ«ما يشغل الجمهور» هو، للأسف، شغلنا الشاغل لهذا الأسبوع.