لم يكن ينقص العالم العربي سوى سخط الطبيعة عليه. وكأن الخراب الواقع، والدمار الحاصل، والأرواح الهالكة، أحداث غير كافية بحقنا نحن الذين لا نعرف الهدوء. وبينما ننشغل في إعداد وإصدار ملحق إنّما الأسبوعي، هناك من أسلم روحه، أو من فارقه قريب أو حبيب، جرّاء إعصار وقع هنا، أو زلزال وقع هناك.

لن نطيل بالمقدمة ولن يكون كلاماً افتتاحياً بالرغم من الرغبة العارمة في كتابة نصّ أقرب ما يكون إلى نصوص المذكرات، نذكر فيه مثلاً وبوصف شديد الإسراف، الوجوه المفجوعة في المغرب، ونتكلم عن استحالة اللغة في الخروج من حالة الصمت والتعبير إذا ما أرادت توصيف ما يجري في ليبيا، نذكر فيه أيضاً، القصف الإسرائيلي الذي طاول مدينة طرطوس البارحة، إزاء غارات جوية نُفذت من السماء اللبنانية حيث شعر اللبنانيون الماكثون في مناطق الشمال باقتراب لحظة نهاية العالم، كون الأصوات التي سمعوها أوحت لهم بـ«هجوم فضائي» حسب ما زعموا. هكذا يكون النص المرجوّ أشبه بيوميات «الخراب»، يؤرّخ للفاجعة ولأحداثها، فتكون العودة إليه كالنظر إلى رزنامة بغيضة معلّقة على باب الثلاجة. لكن ولأنه من الحكمة، أحياناً، الإصغاء إلى أكثر الأمور بداهة، فعبارة «الحياة تستمر» تغدو أبلغ التعازي. هو الاستمرار إذاً، بكل ما يعنيه، هو المزيد من إحراز الخطوات، أي المشي، هو الحفر، والتنقيب، والبحث الحثيث عن مسار مضيء، أو عن طريق قريبة من الشمس. لن نكتب الكثير، سنأخذ تلك الحكمة ونستعين بها: الاستمرار، وعلى قدمٍ وساق، لأن المقال أحياناً، هو محراث يفتح الطريق، ويشقّ ذلك المسار المشع وسط كل هذه العتمة التي يُحدثها كل هذا الخراب.