(تصميم هاشم رسلان)
لا يمكن لأحدٍ أن يتساءل اليوم: هل الذي يحدث اليوم في غزة هو فيلم أو حقيقة؟ ذلك لأن الشاشة، إذا ما اعتبرناها زيفاً واستعراضاً ومبالغة، قد ماتت، وقد قتلها واقع لم يسبق أن تخيلت الأفلام مدى ضراوته. حتى في أفلام الرعب، خصوصاً تلك التي تصدر في مناسبة هالوين، وتراهن على تقديم قصصٍ واقعية حتى يبدو الخوف حقيقياً والرعب مألوفاً، يبقى أن اليقطين المعلق على الأبواب يذكرنا بأننا على مسافة من الحدث وأن مهمتنا تنتهي في كوننا متفرجين. لا أبواب في غزة ولا بيوت. لا منازل، لا أضواء، لا صور فوتوغرافية ولا ساعات معلقة على الحائط. مدينة غارقة بالدم، مقبرة مفتوحة تملؤها الجثث، ووجوه جميلة لقت حتفها تحت الأنقاض. من يحتاج إلى هالوين لكي يتنكّر ويرتدي قناعاً؟ من الذي ينتظر هالوين حتى يبُث الرعب في أوساطه أو حتى يرتعش إزاء تحسسه المرعب؟ يتجسد الفظيع في غزة لدرجة تمنّي الناظر في الشاشة العماء.
خرج هالوين من إطاره الضيق وتحقق بإفراط في غزة. في هالوين الجاري، لا تحتاج الأوجه إلى أقنعة، وإذا ما وُجدت، فستسقط من تلقاء نفسها. وبما أن الجميع تحت سطوة التهديد، فالأوجه منكشفة، والملامح واضحة، ومهما اغرورقت العيون بالدموع لكن البكاء شفاف كالماء، فإذا ما جاء متكلفاً متصنعاً تعكرت دموعه فانفضح.
يتحدث عددنا هذا عن الـ«هالوين» الحقيقيّ الحاصل في غزة، عن حفلة الجنون الفاحش والرعب الساخط، عن الأوجه المكشوفة، وعن تلك المتذاكية؛ الأوجه المتوارية وراء أقنعتها التي تسهِم في إطالة حفلة الرعب وتصفّق للإبادة.
ولأن الموضوع ليس رهن المناسبة، ولأن غزّة بحد ذاتها لا تخضع لتقويم المناسبات، تجدر الإشارة إلى أن هذا العدد سيكون مفتوحاً على العدد الذي يليه، ما يعني أن عدد «إنّما» في الأسبوع المقبل سيحمل الثيمة ذاتها بموادٍ متنوعة.