مي الصايغيتوجه ملايين الإسبان غداً لاختيار برلمانهم المقبل، فيما يبدو أن الرياح تجري بعكس سفن زعيم الحزب «الشعبي»، ماريانو راجوي، ما يجعل ترجيح فوز الزعيم الاشتراكي خوسيه لويس ثاباتيرو بولاية ثانية من 4 أعوام قاب قوسين أو أدنى.
ترجيح عززه استطلاعان للرأي، أولهما أجري فور انتهاء المناظرة التلفزيونية الثانية بين الزعيمين، وأظهر تقدم ثاباتيرو على خصمه راجوي بحصوله على 51 في المئة من أصوات المستطلعين، في مقابل 29 في المئة لراجوي.
أما الاستطلاع الثاني، الذي نشرته صحيفة يمين الوسط الإسبانية «الموندو»، فأشار إلى أن 43.4 في المئة من الإسبان يدعمون حكومة ثاباتيرو، فيما حصلت المعارضة بزعامة الحزب الشعبي على 39.3 في المئة من أصوات المستطلعين، يليهما في السباق حزب «اليسار الموحد» بقيادة غاسبار ياماثاريس، ما يمنح ثاباتيرو ما بين 157 و171 مقعداً في البرلمان الإسباني، الذي يبلغ عدد مقاعده 350، في مقابل 148 إلى 161 للحزب «الشعبي».
غير أن أوساط الحزب الشعبي تردد أنها لا تؤمن باستطلاعات الرأي التي أخطأت خلال الانتخابات التشريعية الأربعة الأخيرة في إسبانيا. ورأى أحد كبار مسؤولي الحزب، إدواردو زابلانا، أن اليمين يتقدم، وهو في مرتبة «مساوية للحزب الاشتراكي».
ولتعزير حظوظ اليمين، دخلت الكنيسة الكاثوليكية على الخط، بعدما دعت أتباعها بشكل غير مباشر للتصويت ضد ثاباتيرو، على خلفية قيام الحكومة بإصلاحات اجتماعية في ما يتعلق بزواج المثليين والطلاق السريع.
بيد أن المناظرة الأخيرة، بدت أشبه بمصارعة لثيران السياسة. إذ مثّلت قضايا الاقتصاد والهجرة والحوار مع منظمة «إيتا» الانفصالية في إقليم الباسك، أبرز محاورها. واتهم خلالها زعيم الحزب «الشعبي»، ثاباتيرو، بعدم امتلاك أي سياسة اقتصادية، وبأن حكومته تعيش على القمر، مقدماً نفسه منقذاً للفئات التي تعاني ارتفاع معدلات البطالة وأسعار الرهن العقاري، فيما اتهم ثاباتيرو خصمه «ببذر الشكوك ونشر الخوف»، في شأن مسألة التباطؤ الاقتصادي في البلاد.
تباطؤ بات بمثابة الطوق حول عنق رئيس الوزراء، الذي ركّز في حملته الانتخابية على الإنجازات التي حققتها الحكومة الاشتراكية من زيادة النمو الاقتصادي وفرص العمل وتقليل العجز العام في إسبانيا.
ومع بدء بازار الوعود الانتخابية، تعهد ثاباتيرو خلق 2.2 مليون وظيفة، وخفض ضرائب الدخل، فيما وعد راجوي بإلغاء الضرائب عن أصحاب الأجور المنخفضة، الأمر الذي دفع رافاييل بامبل، من معهد مدريد للدراسات الاقتصادية، إلى وصف هذه الرشى الانتخابية «بخبز الجماهير، وبمثابة مسكّن للألم، لا علاج له».
وحول ملف الهجرة، رأى راجوي أن الحكومة لم تفعل «أي شيء» من أجل وقف موجات المهاجرين غير القانونيين، الذين اتهمهم بالإضرار بفرص بعض الإسبان في الحصول على بعض الخدمات مثل التعليم والسكن. وفجّر الزعيم اليميني اقتراحاً جديداً يفيد بتوقيع المهاجرين «عقد اندماج» والتحكم في الهجرة غير الشرعية.
وبالنسبة إلى القضية القديمة الجديدة، وهي التفاوض مع منظمة «إيتا» الانفصالية في إقليم الباسك، وصف راجوي مبادرة ثاباتيرو بالحوار مع «إيتا» بأنها فاشلة. ودافع رئيس الوزراء في وقت سابق عن سياسة حكومته الخاصة بالإرهاب، بعد تعليق أنشطة حزب «العمل القومي الباسكي» والحزب «الشيوعي لأراضى الباسك» لصلتهما بحزب باتاسونا المحظور (الجناح السياسي لمنظمة إيتا)، ومنعهما من خوض السباق الانتخابي. إجراءات رأى راجوي أنها أتت بعد فوات الأوان.
وأضاف ثاباتيرو: «بالرغم من إخفاق الحوار مع منظمة إيتا، إلا أن هذا لا يعني أننا بعيدون عن وضع نهاية للعنف». ورأى أن من واجبه السعي للوصول إلى السلام.
وجاء التفجير الخادع في مدينة بيلباو شمال إسبانيا، ليقلب المواجع، إذ منحت منظمة «إيتا» هدية انتخابية لصقور اليمين لتجديد انتقاداتهم لثاباتيرو.
ومع إطلاق صفارة قطار الحملة الانتخابية، وضعت إسبانيا أمنها في حالة استنفار قصوى، استعداداً لهجمات محتملة. ورأت صحيفة «نيوزويك» الأميركية، أن ثاباتيرو يفتقر إلى الكاريزما، وأغرق نفسه في فوضى الخلافات الداخلية، رغم تشكيله نموذجاً مغايراً في القارة العجوز، ومعادياً للحرب وطموحات الرئيس الأميركي جورج بوش. وبرأي بول إيزابيل، من معهد «إيلكانو الملكي» في مدريد أن «الحقيقة المؤسفة، أن إسبانيا تحتاج إلى قادة من الصف الأول، فيما ثاباتيرو وراجوي لم يتجاوزا الصف».
وسواء حصد الحزب الاشتراكي غالبية المقاعد في انتخابات الغد، يرى الكاتب السياسي كارلوس ماندو، في صحيفة «البايس» الإسبانية، أن الرابح الحقيقي هو الأحزاب الإقليمية في كاتالونيا التي بيدها ترجيح كفة حزب على آخر.
وهو ما سيجعل ثاباتيرو في وضع غير مريح، ولا سيما، أنه اتهم بمحاولة بلقنة إسبانيا إثر تحالفه مع الحزب الجمهوري لكاتالوينا، الذي يطالب بالاستقلال. ويبقى امتلاك مفاتيح المونكلوا خلال الأربع سنوات المقبلة، حلماً يراود راجوي وثابايترو على حد سواء. أما كلمة الفصل فتحسمها صناديق الاقتراع.