strong>صربيا تهدّد بـ«ردّ سلمي» وروسيا تلوّح بـ«صراع جديد» وأوروبا تحسم موقفها اليوم
تحوّل إقليم كوسوفو، أمس، إلى الدولة الـ193 في العالم، بعدما أعلن برلمانه الاستقلال عن صربيا، مختتماً نزاعاً بين الألبان والصرب استمر عقوداً، ومثيراً عاصفة من ردود الفعل تراوحت بين الترحيب والتنديد والانتظار والتحذير.
وفي جلسة استثنائية تاريخية، أعلن برلمان كوسوفو، في بيان تلاه رئيس الوزراء هاشم تاجي، ولادة دولة كوسوفو. وقال «نحن، قادة شعبنا، المنتخبين ديموقراطياً، عبر هذا الإعلان نعتبر كوسوفو دولة مستقلة ذات سيادة». وأضاف «كوسوفو ستكون مجتمعاً يحترم الكرامة الإنسانية، ملتزماً بمواجهة الإرث الأليم للماضي بروح التصالح والمسامحة».
وأعلنت الوثيقة بدء فترة انتقالية من 120 يوماً لإنجاز الاستقلال وتحديد شكل الدولة، يشهد خلالها الإقليم انتشار بعثة أوروبية جديدة. وصوّت جميع النواب الـ109 الذين حضروا الجلسة على القرار، بينما غاب عن التصويت 11 نائباً عن الأقليات، بينهم الصرب. وكشف أعضاء البرلمان عن علم الدولة الجديدة، وهو عبارة عن خط أصفر على خلفية زرقاء داكنة، بالإضافة إلى ست نجوم.
وفور إعلان الاستقلال، شدّد الأمين العام لحلف شمالي الأطلسي ياب دي هوب شيفر على أن «قوة كفور البالغ قوامها 16000 جندي ستواصل الوفاء بمسؤولياتها الخاصة بتوفير مناخ سلام وأمن في أراضي كوسوفو. إلا إذا قرر مجلس الأمن خلاف ذلك». وقال «في هذه الفترة الحساسة، سترد كفور بسرعة وحزم على أي شخص قد يلجأ إلى العنف».
وكان صرب كوسوفو قد أعلنوا في وقت سابق أنهم سيقيمون برلماناً خاصاً بهم في أيار المقبل، ما يزيد من احتمال انفصالهم عن الدولة الوليدة. وأقام الصرب إلى الشمال من نهر إيبار يوماً للصلاة والاحتجاج.
وفي بلغراد، تجمع أكثر من ألف شخص حاملين لافتات وأعلاماً ورموزاً دينية للاحتجاج على ضياع أرض يعتبرها الكثيرون مركزاً دينياً تاريخياً وموقعاً لعشرات من الأديرة الأرثوذكسية المبنية منذ قرون.
بدوره، أعلن الرئيس الصربي بوريس تاديتش، في بيان، «أن صربيا لن تعترف أبداً باستقلال كوسوفو». وأضاف «إن صربيا ردت وسترد بكل الوسائل السلمية والدبلوماسية والشرعية لإلغاء هذا العمل الذي ارتكبته مؤسسات كوسوفو». كما رأى رئيس الوزراء الصربي فويسلاف كوستونيتشا أن كوسوفو «دولة زائفة». وأشار إلى أن الولايات المتحدة أيدت كوسوفو بـ«صورة غير قانونية»، مشيراً إلى أن واشنطن «مستعدة لخرق النظام الدولي من أجل مصالحها العسكرية».
وحمّل كوستونيتشا الرئيس الأميركي جورج بوش شخصياً مسؤولية انفصال كوسوفو، معتبراً أنه «المسؤول عن هذا العنف، هو وأنصاره من الأوروبيين. سيذكر اسمه في تاريخ صربيا بأحرف سوداء، وسيذكره أيضاً تاريخ القانون الدولي الذي يرتكز عليه النظام العالمي».
وكان بوش قد أكد قبل ساعات من ذلك دعمه لاستقلال كوسوفو، معتبراً أن الموقف الأميركي يرى «أن وضع كوسوفو يجب أن يحل لكي تكون منطقة البلقان مستقرة». وأضاف «ستستمر الولايات المتحدة في العمل مع حلفائها لبذل قصارى جهد ممكن لضمان عدم اندلاع أعمال عنف».
وفيما رحب رئيس الوزراء الألباني سالي بريشا بالإعلان، معتبراً السابع عشر من شباط «ولادة جديدة» لهذا الإقليم، حذّر الرئيس التشيكي فاكلاف كلاوس في براغ من تأثير «كرة الثلج» الذي قد يؤدّي إليه استقلال كوسوفو في بعض الدول الأوروبية.
وعلى الجانب الأوروبي، الذي يعاني انقساماً حاداً في شأن مسألة الاعتراف بالدولة الجديدة، أعلنت كل من بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا «أخذ علمها بخطوة كوسوفو»، من دون أن تعلن اعترافها الرسمي بها. وأرجأ الاتحاد الأوروبي موقفه الرسمي النهائي إلى اليوم عندما يعقد اجتماع لوزراء الخارجية في بروكسيل لهذه الغاية.
وفيما أكدت مصادر دبلوماسية استعداد معظم الدول الأوروبية الكبرى للاعتراف بكوسوفو، أعلنت ست دول على الأقل أنها ستتريث أو تمتنع عن ذلك خوفاً من تشجيع نزعات انفصالية بداخلها، وهي: قبرص واليونان وإسبانيا وبلغاريا وسلوفاكيا.
وأعلنت وزارة الخارجية البريطانية أن الحدث «يشكل تطوراً مهماً»، فيما دعت روما صربيا وكوسوفو إلى «الاعتدال» في موقفهما للحؤول دون تدهور الأوضاع في البلقان. وتمنى وزير الخارجية برنار كوشنير «الحظ الجيد» للدولة الجديدة.
وكذلك، دعا وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير «جميع الأطراف» إلى «الهدوء والاعتدال». وأعلن أنه أجرى مكالمتين مع نظيريه: الصربي فوك يرميتش والسلوفيني ديميتري روبل، كاشفاً عن أن الوزيرين «وافقا على أن الحفاظ على الاستقرار في المنطقة هو الأولوية الرئيسية».
بدورها، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن الولايات المتحدة «أخذت علماً» بخطوة كوسوفو. وحيا المتحدث باسم الوزارة، شون ماكورماك، «التزام الحكومة الكوسوفية الواضح بحماية الأقليات». وأفاد بأن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتشاوران يسأن الخطوات التي يستتبعها إعلان الاستقلال، مشيراً إلى أنه سيتم الاعتراف بهذا الاستقلال «قريباً».
في المقابل، دعت وزارة الخارجية الروسية إلى «إبطال إعلان استقلال كوسوفو». وأضافت، في بيان، «نتوقع من بعثة الأمم المتحدة والقوات التي يقودها حلف الأطلسي في كوسوفو اتخاذ إجراء فوري بتنفيذ مهمتهما بما في ذلك إبطال قرارات أجهزة الحكم الذاتي في بريشتينا واتخاذ تدابير إدارية شديدة ضدها».
وحذرت الوزارة من أن «قرارات قيادة كوسوفو تخلق مخاطر لتصعيد التوتر وأعمال العنف العرقية في الإقليم ولصراع جديد في البلقان». وشدّد البيان على «أن الذين يفكرون في دعم الانفصال سيتفهمون العواقب الخطيرة الناتجة عن أفعالهم على النظام العالمي والاستقرار الدولي وسلطة قرارات مجلس الأمن الذي أمضى أعواماً في صياغتها».
(أ ب، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)

أن الذين يفكرون في دعم الانفصال سيتفهمون العواقب الخطيرة الناتجة عن أفعالهم على النظام العالمي والاستقرار الدولي وسلطة قرارات مجلس الأمن الذي أمضى أعواما في صياغتها