تستفيق تركيا اليوم لتحتفل بعيدها الوطني على وقع قرع طبول الحرب ضدّ حزب العمّال الكردستاني في شمال العراق، في انتظار مواعيد الاجتماعات التي ستضمّ إلى القادة الأتراك، الزعماء الأميركيّين في اسطنبول وواشنطن في الأسبوع الأوّل من الشهر المقبل. وبعد الانتكاسة التي مُنيَت بها المساعي الدبلوماسيّة العراقيّة لحلّ الأزمة سلميّاً من خلال الاقتراحات التي حملها الوفد الوزاري إلى أنقرة يومي الجمعة والسبت الماضيين، والتي وصفتها الدبلوماسيّة التركيّة بأنها «غير مرضية وغير كافية»، عاد التصعيد الكلامي على ألسنة عسكر تركيا وساستها الذين سعوا إلى نيل الدعم الإيراني للتوجّه العسكري بعد نيلهم دعماً مماثلاً من دمشق.
ولم يستبعد وزير الخارجيّة التركي علي باباجان أمس اللجوء إلى الخيار العسكري، وذلك في ختام محادثاته مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ووزير خارجيّته منوشهر متّكي في طهران. قال «لدينا وسائل مختلفة، فيمكننا استخدام السبل الدبلوماسية أو اللجوء إلى القوّة العسكرية». وأعرب باباجان عن امتنانه لإيران لمساعدتها تركيا في محاربة «العمّال الكردستاني»، مخاطباً نظيره الإيراني بالقول «أنا سعيد للغاية بالدعم الذي قدّمتموه لنا».
أمّا نجاد فحثّ من جهته أنقرة على مواصلة المباحثات مع العراق قبل النظر في أي خيارات عسكرية، موضحاً أنّ «الرئيس ورئيس الوزراء العراقيَّين بالتأكيد ضدّ العمليات الإرهابية في المنطقة ولن يتردّدا في بذل أقصى ما في وسعهما لوقفها». ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية «إرنا» عن نجاد وصفه القوّات الأميركيّة في العراق بأنّها «ميكروبات» تدمّر الأمن الإقليمي من أجل مصالحها الطويلة الأجل.
وكان متّكي قد اتهم فى وقت سابق أمس الولايات المتحدة وإسرائيل بالوقوف وراء الأزمة الحالية لأنّ «النشاط الإرهابي في شمال العراق تزايد منذ انتشارها في هذا البلد، ومن المؤكّد أنّ نشاط العمّال الكردستاني لا يتمّ من دون دعمها»، مندّداً بـ«الاتفاقات السرية بين الولايات المتحدة وهذه المجموعات الإرهابية».
غير أنّ باباجان فضّل «عدم الظنّ أنّ الولايات المتّحدة تدعم تنظيماً إرهابيّاً».
وفضّل متّكي عدم التحرّك العسكري التركي الأحادي الجانب، ناصحاً بـ«التصدّي للعمليات الإرهابيّة ووقفها، لكن من خلال جهد دبلوماسي ثنائي وتعاون إقليمي».
وأجرى نجاد مساء أوّل من أمس اتصالات هاتفية بنظيره التركي عبد الله غول والعراقي جلال الطالباني ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. وكشفت وكالة أنباء الأناضول أنّ غول أبلغ نجاد بأنّ القنوات الدبلوماسية بدأت تنفد وبأنّ تركيا مصرّة على التخلّص من حزب العمّال الكردستاني في العراق. وأضافت أنّ «نجاد أبلغ العراق بأنه يؤيّد اتخاذ إجراءات مشدّدة ضدّ مقاتلي العمّال الكردستاني في شمال العراق، ولكنّه يريد حلاً سلمياً للأزمة». وأفاد بيان صادر عن مكتب المالكي بأنّ المسؤولين توافقا على أنّ «العمل العسكري ليس الخيار الوحيد في التعامل مع الأزمة التي يجب العمل على حلّها بالوسائل السلمية».
في هذا الوقت، توعّد الجيش التركي المقاتلين الأكراد، مجدّداً أمس، بردّ «لا يمكنهم حتى تصوّره». وقال رئيس الأركان يسار بويوكانيت، في رسالة بمناسبة العيد الوطني الـ84 الذي يصادف اليوم، «من يسبّبوا لنا معاناة فسيعانون بدورهم بدرجة لا يمكنهم حتى تصوّرها ونحن مصمّمون على ذلك».
أمّا أردوغان فركّز في كلمته على الدعوة إلى الوحدة بين الأتراك والأكراد في بلاده، وهو ما يبدو محاولة من النظام في أنقرة لتأليب أكراد تركيا ضدّ حزب العمّال الكردستاني.
وقالت مصادر من الجيش التركي إنّ جنوداً أتراكاً قتلوا 20 متمرّداً من أعضاء حزب العمّال في اشتباكات وقعت في شرق تركيا أمس.
(أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي، د ب أ)