يديعوت ـــ زلمان شوفال
للمرة الأولى منذ سنوات لا تبث الولايات المتحدة وإسرائيل على الموجة نفسها في موضوعات مركزية جداً. للسياسة الأميركية، في الفترة الأخيرة من إدارة بوش، غايتان رئيسيتان متوازيتان:
أولاً ــــــ أن تُجند تأييد الدول العربية «المعتدلة»، وفي مقدمتها السعودية، من أجل التهدئة في العراق (قد تبدد خطبة الملك السعودي خلال مؤتمر القمة العربية هذا الوهم الأميركي)، وثانياً ــــــ ولمنع السيطرة الشيعية والإيرانية على الشرق الأوسط ونفطهلا توجد لهاتين الغايتين في الحقيقة صلة بالنزاع الإسرائيلي ــــــ الفلسطيني، لكن الإدارة الجريحة مضطرة إلى تغيير سياستها، وإلى الاقتراب من هذا الملف، وكذلك من الاتحاد الأوروبي، الذي يزعم أنه يجب إحداث ــــــ ولو على نحو مصطنع ــــــ صلة بين القضيتين لإرضاء السعودية والعالم العربي عامة. بكلمات أخرى: إن أي تقدم في القضية الإسرائيلية ــــــ الفلسطينية، قد يمنح الأميركيين دولاب إنقاذ في الموضوعات الأخرى.
لا تقلُّ إسرائيل عن الولايات المتحدة اهتماماً، بل قد تزيد، بالغايات نفسها: السلام مع العالم العربي ووقف تنامي القوة الإيرانية ــــــ لكن ليس بالثمن الباهظ الذي طلبته القمة العربية في الرياض. رغم ذلك، أصبح أولمرت مضطراً للموافقة على اللقاء مع أبو مازن، رغم أنه يواصل نقض جميع التزاماته، ورغم أنه منذ إقامة «حكومة الوحدة» أصبح في الواقع مُنفذاً لأوامر «حماس». وستكثر هذه الضغوط إذا ازداد التوجه إلى دفع إسرائيل إلى قبول «المبادرة السعودية».
قيل الكثير من الأمور السخيفة في هذه المبادرة، مع تجاهل حقيقة أن هدفها هو سعي العالم العربي إلى أن يحقق بالطرق السياسية ما لم ينجح بتحقيقه عبر الحرب والإرهاب: «حق عودة» اللاجئين وتقليص إسرائيل إلى حدود الرابع من حزيران 1967. ولا نُخطئن: ينظر العرب إلى كل ذلك لا باعتبارها موضوعات للتفاوض بل كشرط مسبق لمجرد استعدادهم لإجراء مفاوضات. إن رفضهم إدخال أي تغيير على الخطة يؤكد هذا الأمر.
وفوق ذلك الحديث عن خطوات تكميلية أيضاً: عقد مؤتمر بمشاركة الرباعية الدولية، والفلسطينيين (أي حكومة حماس)، ومخلوق جديد أيضاً يُسمى «الرباعية العربية». بكلمات أخرى ستجد إسرائيل نفسها في وضع نجحت دائماً بالامتناع عنه، معزولة في ساحة دولية معقدة لغير مصلحتها.
النشاط السياسي والدبلوماسي لإسرائيل في السنة الماضية مليء بالإخفاقات والأخطاء، وسواء كان ذلك ناشئاً عن عدم الخبرة أو الإهمال، فإن الوضع السياسي لإسرائيل اليوم أكثر تعقيداً من أي فترة في الماضي، وهو يأتي في فترة تعتبر حاسمة لمستقبلها على وجه خاص.