القاهرة ــ عبد الحفيظ سعد
لم تكن الموافقة على لقاء وفد البرلمان الاوروبي، بعد غد الاثنين، المفاجأة الوحيدة في الجمعية العمومية لـ«نادي القضاة» في مصر، بل كانت هناك مفاجآت أخرى، لعل اهمها أن الجمعية انعقدت بمزاج التحدي لوزير العدل المستشار ممدوح مرعي، على عكس التوقعات التى رأت أنها ستكون جمعية عمومية هادئة.
فرغم الحضور المتوسط الذي تراوحت تقديراته بين ألف الى 1500 قاضٍ من بين 6000 قاض، كان الأمر كافياً لإشعال الحماسة فى المجموعة الرافضة للسياسات الحكومية ضد «النادي». إلا أنهم صبّوا رفضهم على شخص وزير العدل، حيث قررت الجمعية تأليف لجنة قانونية مهمتها إقامة دعوى قضائية عليه، لامتناعه عن تسديد الدعم المالي المتعارف عليه لميزانية «نادي القضاة».
ووجّه رئيس لجنة تفعيل قرارات الجمعية العمومية المستشار أحمد مكي رسالة إلى الوزير قائلاً «لا تضيّع 47 عاماً من العمل قاضياً في مقابل كرسي الوزارة»، معتبراً أن موقع قاض من الدرجة الثانية أفضل بمئات المرات من موقع الوزيروقال مكي فى حوار مع «الاخبار»: إن «ما يفعله مرعي مع النادي ليس سياسة فرد. هي أوامر عليا وسياسة السلطة التنفيذية في مواجهة المطالبة باستقلال سلطة القضاء».
وقررت الجمعية العمومية عدم الاعتماد على مصادر تمويل خارجية لميزانية النادي، والاكتفاء بقرار زيادة اشتراكات الاعضاء، بينما أرجأت بت موضوع تلقّي تبرعات من جهات محلية.
وبالنسبة إلى اللقاء مع وفد البرلمان الأوروبي، قرنت الجمعية موافقتها بشرط إتمام اللقاء باللغة العربية وإعلام رئيس الجمهورية، لا وزير العدل، بما سيتضمنه اللقاء الذي سيقتصر على مناقشة موضوع استقلال القضاء ولن يتطرق الى موضوعات سياسية.
وهو ما يعدّ ضربة استباقية يؤمِّن بها النادي نفسه من حملات متوقعة في صحف الحكومة جاهزة لاتهامه بالاتصال بجهات اجنبية من دون علم اجهزة الدولة.
من ناحية أخرى، طالبت الجمعية بتنفيذ أحكام محكمة النقض الخاصة بالتزوير في انتخابات مجلس الشعب، والتي أسقطت عضوية عدد من النواب، لكنهم لا يزالون على مقاعدهم بحجة أن مجلس الشعب سيد نفسه، أي أنه الوحيد المخول النظر في صحة عضوية نوابه.
واتخذ قضاة الجمعية قرارات داخلية بمقاطعة القضاة الذين تثبت عليهم تهمة المشاركة في تزوير الانتخابات، مع تمسكهم بالإشراف القضائي الكامل على الانتخابات، محذرين من المساس بالمادة 88 من الدستور المتعلقة بإشراف القضاة.
إلى ذلك، وضع «نادي القضاة» مشروع تعيين المرأة في سلك النيابة العامة والقضاء على أجندة الصراع بين الحكومة والقضاة، معلناً رفضه للقانون المزمع إصداره، والذي يعيد للنساء الحق في تولّي مناصب قضائية، وهو موقف غريب من نادي القضاة، وخاصة أنه يطالب بتحرير القضاء، الأمر الذي عُدّ، من وجهة نظر المتابعين لتركيبة النادي، إشارة الى سيطرة اتجاه محافظ يرى الموافقة على تعيين النساء «إهانة» أو «مساساً» بوقار القضاء.
والمفارقة أن الاتحاد الأوروبي، الذي سيقابـــل مجلس النادي وفده، هو من أشد الجهــــات الـــدولـــية الداعـــــــمة لفــــكرة تعيين المرأة في النيابة العـــامة والقـــضاء.