على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

مات الفقراء في العالم وامّحى أثرهم عن الوجود. الزمن الذي كانت تتنافس فيه العقائد والأحزاب على تقديم برامج اجتماعيّة لإنقاذ الفقراء من البؤس مضى وولّى. الفقراء باتوا منسيّين مغيّبين. هذا كان جزءاً من التطوّر الرأسمالي بعد الحرب الباردة. في الستينيّات، اكتشفت الحكومة الأميركية أنّ هناك فقراء في البلاد. لم يكن الاعتراف بذلك مسموحاً به. الاشتراكي مايكل هارنغتون كتب عن «أميركا الأخرى» في كتابه عن الفقر في أميركا (هارنغتون كان اشتراكياً صهيونيّاً متعصّباً). الحرب الباردة تطلّبت دفن الفقراء كي لا ينغّصوا على أميركا دعايتها السياسيّة وأكاذيبها وحيَلها لاستمالة سكّان المعمورة. كان رونالد ريغان يقول إن كل ما على هوليوود فعله في مواجهة المعسكر الاشتراكي هو أن تُظهر لشعوب الأرض كيف أنّ الشعب الأميركي يعيش في منازل منيفة تحيطها حدائق وبرك سباحة. لعلّه كان يظنّ أنّ كل سكّان أميركا يعيشون مثل سكان بيفرلي هيلز. البنك الدولي هدّدَ البرازيل قبل سنوات عندما وضعت برامج لمحاربة الفقر. هذا لا يدخل في برامجنا، قالوا. في أميركا، تذكّرَ روبرت كنيدي أنّ هناك فقراء في آخر سنة من حياته (وعندما يتذكّرون الفقراء في أميركا يعنون الفقراء البيض). بيل كلينتون ذكر الفقراء في آخر أشهر من ولايته. أحزاب اليسار في الغرب استبدلت الحرص على الفقراء بالاهتمام بـ«الطبقة المتوسّطة» (العنصري بيل كلينتون تحدّث في حملته الأولى عن «الطبقة المنسيّة» في إشارة إلى البيض). حتى في لبنان. الكل يتحدّث عن الطبقة المتوسّطة. أين الفقر ومحاربته في شعارات الحزب الشيوعي اللبناني؟ برنامج الصين الحديثة في القضاء على الفقر كان الأكثر ناجحاً في تاريخ البشريّة. نحو مليار فقير انتُشلوا من العوَز. هذا لا تعترف به دول الغرب. مات الفقراء في العالم وأصبحت الطبقة الوسطى الممثّلة الشرعيّة لهم. لم تعد هناك أحزاب تمثّل مصالح الفقراء. الحديث عن العمّال والمعوَزين والمعذّبين في الأرض بات لغة خشبيّة ممجوجة. في لبنان، سحق رفيق الحريري الفقراء تحت قدميه وشُيّد له تمثال بسواعد الشيوعيّين السابقين.

0 تعليق

التعليقات