كاتبان لبنانيّان في جريدة «الشرق الأوسط» السعوديّة يقرّعان الشعب الفلسطيني برمّته لأنّه لا يُبدي اكتراثاً بمجريات الاحتجاجات في تل أبيب. اللبنانيّان ليبراليّان يمينيّان وشديدا التعلّق بالديموقراطيّة، فقط في الأنظمة التي تخالف المشيئة السعوديّة. إنها صدفة، ما علينا منها. سام منسّى يلوم الإعلام العربي على تجاهل «نقطة التحوّل في الديموقراطيّة الإسرائيليّة». ويخشى من «تقليص كبير للعمليّة الديموقراطيّة» في إسرائيل. نكاد نبكي حزناً وأسى. وحازم صاغية يتحدّث بإعجاب عن هؤلاء الإسرائيليّين «الذين يخوضون معركة الديموقراطيّة في مواجهة الحدّ الشعبوي منها». وهو، مثل منسّى في الجريدة السعوديّة نفسها، يلومُ الفلسطينيّين على عدم اكتراثهم بما يجري. لكن لماذا يكترث الشعب الفلسطيني؟ الموقف من الإصلاحات القضائيّة لا يعني العرب بشيء. القضاء الإسرائيلي، منذ إنشاء الكيان، كان الأداة التي سوّغت وأسّست لبناء نظام الأبرتهايد الإسرائيلي. جرائم الحرب الإسرائيليّة حظيت على مرّ السنوات بدعم من القضاء. والمعركة الجارية في إسرائيل هي بين يهود إسرائيل، تماماً كما كان البيض في نظام الأقليّة البيضاء في جنوب أفريقيا يختلفون فيما بينهم حول إدارة شؤون البيض وحول أفضل الطرق للسيطرة على العرب. وموضوع السيطرة على العرب تحت الاحتلال ليس موضوع نقاش في إسرائيل وقد جرت محاولات عدّة لنزع العلم الفلسطيني من قبل محتجّين في التظاهرات الإسرائيليّة كما أنّ أصوات رفض الاحتلال (وكانت نادرة في الاحتجاج) كانت تُقمع. ومن المفارقات أنّ هناك في الإعلام العربي من ينقل مُعجباً أخبار اعتراضات الجهاز الأمني على نتنياهو أو رفض ضباط الاحتياط الخدمة احتجاجاً. هل يريد الكاتبان اللبنانيّان منا أن نبدي تعاطفاً مع الذين جمّدوا قيامهم بغارات جويّة على منازل فلسطينيّة لأنّ الإصلاح القضائي لا يروق لهم، ومن منظور يهودي صهيوني محض؟ هذه مثل الذين يقولون إنّ الاسرائيليّين تظاهروا بعد صبرا وشاتيلا. لا، تظاهر بعضهم بناءً على خلافات بين الصهاينة أنفسهم وعلى أساس حزبي، وخصوصاً أنّ أخبار المجزرة أضرّت بالمصلحة الدعائية لإسرائيل. المثل اللبناني بليغ هنا حول ما يجري في إسرائيل: فخّار يكسِّر بعضه.