على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

لم يحظَ كتاب محمد عبد السلام الزيات عن «السادات» بما يستحقّ من العناية والتغطية عند صدوره. الزيات عمل أميناً عاماً لمجلس الأمة عندما كان أنور السادات رئيسه، ثم عمل أميناً عاماً للّجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي، قبل أن يعيّنه السادات نائباً لرئيس مجلس الوزراء بعد الحركة التصحيحيّة في أيار (مايو) 1971. أعدتُ قراءة الكتاب أخيراً ولمستُ أهميّته في الحكم على مرحلة السادات. كان الزيّات صديقاً لأهلي وكنا نراه باستمرار في سنوات الطفولة عندما كنا نزور القاهرة وتعرّفنا إلى عائلته. كان شخصيّة استثنائيّة: كان تقدمياً وذا ميول ماركسية واتُهم بالشيوعية لأنّه ترأّس لجنة الصداقة السوفياتية المصرية. أذكر عندما أصرّ علينا الزيات أن نتعرّف إلى جمال السادات. لكنّ كتاب الزيات مُحيِّر: هناك إشارات قويّة في الكتاب إلى أنّ عبد الناصر لم يكن يثق بالسادات وكان يلحّ على الزيّات ليبقى قريباً منه، ربما كي يحدّ من شطحاته. لكنّ عبد الناصر أبقاه في منصب نيابة الرئاسة. ولا يمكن مراجعة تطوّرات تلك الفترة من دون الاعتراف بدهاء وذكاء السادات وقدرته على المناورة والخداع. كيف كان في استطاعة هذا الرجل الذي لم يُؤخذ على محمل الجد من مستشاري عبد الناصر أن يهزمهم جميعاً ويستأثر بالحكم؟ والزيات ميّال إلى نظريّة أنّ السادات كان على تواصل مريب مع الأميركيّين، وخصوصاً خلال تلك الرحلة الشهيرة التي قام بها عام 1966. شاهدت مقاطع إخباريّة عنها في جامعة «يو سي إل إي». وفيها، يظهر السادات مبهوراً بناطحات السحاب. وعبادة الرجل الأبيض تظهر بوضوح في ابتهاجه بلقاء المسؤولين الأميركيّين. وقد جلس في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض وأظهر نفس الانبهار الذي كان يظهر عليه عندما يلتقي فيما بعد مع المسؤولين الأميركيّين. وعندما شاهد الكرسي الهزاز في المكتب البيضاوي، سارع بعد عودته إلى اقتناء كرسي مماثل. لم يكن صعود السادات عفويّاً، لكن نجاحه لم يكن فقط بسبب ذكائه بل أيضاً لأنّه نال مساعدة أميركيّة خفيّة ولأنّ رفاق عبد الناصر عانوا من لين وليبراليّة قاتلة في التعاطي معه.

0 تعليق

التعليقات