على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

هذه المرّة الأولى في التاريخ العربي المعاصر التي ينعدم فيها وجود شعراء ينتظرُ إنتاجهم العرب في بلدانهم. أحمد شوقي كان شاعراً لكلّ الأقطار العربيّة كما كان غيره. والرابطة القلميّة كانت مُتابَعة من كل العرب في الوطن والمهاجر. ونزار قباني شكّل ظاهرة متفرّدة من ناحية شعبيّته وجماهريّته. ومحمود درويش أصبح شاعر قرن من الزمن، اجترح في الشعر مبتكرات لم تدخل عليه منذ أكثر من قرن. وحتى الأدب، لم يعد قائماً. ليس هناك إنتاج نثري أو شعري بمصاف الأدب اليوم. كانت مصر تعجّ بالأدباء والشعراء، وكان للبنان والعراق حصّة وازنة منهم. الأمر لم يعد قائماً. الشعر لا يبيع أبداً. وأنا أسأل المكتبات في هذا كلّما زرت لبنان والانطباع أنّ هناك وفرة لطلب الكتب الدينية كما كتب موجة «كيف» (أي الكتب غير العلميّة التي تعطيك وسائل وطرق للترقّي الاجتماعي والوظيفي والتي تنصحك في الحب). الأدب لم يتوقّف في الثقافات الأخرى وان كانت هناك دائماً مقارنات تُعقد بين أدب اليوم والأمس. أين كتب المسرح وكتب الفنّ وكتب المقالات الوجدانية وغيرها؟ الكتابة الصحافية السريعة طغت والمقالة القصيرة تطغى. لا يزال تميم البرغوثي يجذب عشاق الشعر في أمسيات عمان وبيروت والدوحة، وجهده الشعري استثناء للقحط المنتشر. كان التلفزيون في صباي يستضيف سعيد عقل ونزار قباني وعمر أبو ريشة ولميعة عباس عمارة لإلقاء الشعر، وكانت هذه البرامج تجذب الناس. نحن في عالم مختلف. تركي آل شيخ يعرّف الثقافة، وهي (بحسب إصلاحات محمد بن سلمان) عبارة عن مزيج من الهوس الرياضي وتحرّر الملبس والإمعان في الرقص على أنواعه. حتى الشعر السياسي مات. كانت كتيّبات نزار قباني الشعريّة بعد النكسة تختفي من الأسواق بعد أيام من طرحها (وكانت تصدر في طبعات مختلفة واضطرّ قباني إلى تأسيس دار نشر خاصّة به لحصر الأرباح). هناك ازدهار لكتابة القصة، وخصوصاً في مواضيع تهتم بها دور نشر غربيّة. هناك من يكتب عن وارسو تحت الحكم النازي، وهو لم يسافر أبعد من شتورة.

0 تعليق

التعليقات