على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

مات عالم الاجتماع المصري سعد الدين إبراهيم. درسَ في جامعة واشنطن في سياتل، ثم مارس التدريس لسنوات في الجامعة الأميركيّة في القاهرة. عرفتُه في الثمانينيّات من خلال صديقَيه، هشام شرابي وحليم بركات. كان تقدميّاً عروبيّاً في حينه. وقد كان إخوانياً في صباه إلى أن التقى جمال عبد الناصر في المدرسة الثانويّة وأصبح ناصريّاً، وفق ما كان يروي. وفي حديث أمام الذراع الفكريّة للوبي الإسرائيلي («مؤسّسة واشنطن لدراسات الشرق الأدنى») في 2011، زعمَ أنّه اعتُقل في زمن عبد الناصر. هذا غير صحيح. كان ناصريّاً متحمّساً بشهادته (بالعربيّة) حتى في سنوات دراسته الجامعيّة. تغيّرَ، مثل كثيرين من المثقّفين العرب، عبر السنوات ووقع في حب الديموقراطية، مثله مثل صادق العظم، وأُغرمَ (مثل العظم) بعقيدة بوش. وأصبح إبراهيم صديقاً للعنصري شارانسكي، وأحبّهُ جورج بوش وروّجَ له. عندما عرفته في الثمانينيّات، كان شديد العداء للصهيونيّة، عندما لم تكن هناك ضريبة خليجيّة لهذا الموقف، وكان لطيفاً وودوداً. مرّة التقينا في حلقة في جامعة جورجتاون (قبل الانتفاضات العربيّة ببضع سنوات) واقترح عليّ أن نقوم بدراسة شاملة مشتركة عن المزاج العربي نحو القومية العربيّة (وكنتُ قد ألقيتُ محاضرة عن الموضوع). قلتُ له: هذا موضوع يكلّف الكثير، فقال لي: المال وفير، لا تهتم. امتنعتُ. كرَّمته «مؤسّسة واشنطن» (كما كرّمت وليد جنبلاط) وأصبح موضع تقدير من شلّة بوش. زار فلسطين المحتلّة وأعلن أنّه مع السلام مع إسرائيل وأنّه لا يعارض التطبيع. وصدفَ أن كنتُ بعدها في احتفال غداء في جامعة كاليفورنيا في بيركلي وكان حاضراً. سمعتُه يقول إن العرب هجوه لأنه يدافع عن الديموقراطيّة. استفزّني كلامه فتدخلتُ قائلاً: لا، العرب هجوك وأنا أهجوك لأنك طبّعتَ مع الاحتلال الإسرائيلي وحاضرتَ في جامعات إسرائيليّة. قال: لا، أنا كنتُ أزور الفلسطينيّين. قلتُ له: لا، الدعوة كانت إسرائيليّة، والفلسطينيّون هتفوا ضدّك في جامعة تل أبيب. تمرّ السنوات وأرى عدداً لا بأس به من المثقّفين يتحوّلون من اليسار إلى اليمين، وكلّه باسم الديموقراطيّة وحب الحريّة.

0 تعليق

التعليقات