أن تقطف التفاح شيء، وأن تفعل ذلك في بسكنتا حكاية أخرى. جارة صنين التي أنجبت أسماء في عالم الفكر والأدب، أشبه بلوحة فنيّة. في هذه البلدة المتنيّة الأقرب إلى السماوات منها إلى الأرض، تنطلق اليوم الجمعة فعاليات مهرجان «مواسم التفاح» في نسخته السادسة، على أن تتواصل على مدار ثلاثة أيام. في كتابه «البيادر»، يقول ابن بسكنتا ميخائيل نعيمة تحت عنوان «العاصفة»: «إلّا أنَّني عندما هممت بأكل التفاحة وجدتها قلباً آدميّاً ينبض». إنّها أشبه بتفاحة حياة، لكنّها تنبض أيضاً بقلب كل مزارع غرس شجرتها وسقاها ورعاها. حتى أنّها تضحّي بنفسها لصالح الغير، وتجنّبهم زيارة الأطباء متى تناولوها يومياً. ولأنّ في التفاح حياة، تبرز أهمية المهرجان المُقام في بسكنتا، لما له من إيجابيات على مزارعي التفاح في البلدة وحصادهم كي لا يذهب سدى، كما وعلى المشاركين الذين سينعمون بأجود أنواع التفاح بأسعار أرخص من السوق، إضافة إلى نشاطات ثقافية وفنية ورياضية وترفيهية منوّعة وتناسب الأعمار كافة.


يزيد عدد الأكشاك في مهرجان «مواسم التفاح» هذا العام عن 45، تعرض ما لذ وطاب من الخيرات التي أنعمت بها الطبيعة على بسكنتا ومن الأشغال اليدوية والحرفية لأهل البلدة. هكذا، تتنوّع المعروضات بين التفاح والمونة على أنواعها، والحرفيات اليدوية والصابون البلدي وغيرها. وقد كشفت المواسم السابقة عن أهمية هذا الحدث، وفق ما تؤكد لنا رئيسة منظّمة «بسكنتا بيتنا» (تتشارك تنظيم المهرجان مع البلدية وعدد من الجمعيات)، ريجينا كرم: «نسبة كبيرة من إنتاج بسكنتا من التفاح والمونة يُصرّف، وخصوصاً أنّ الأسعار تكون رخيصة، والمشاركون يفضلون الشراء بكميات كبيرة».
وستتخلل المهرجان غداً السبت وبعد غدٍ الأحد مشاوير هايكينغ (مشي في الطبيعة) وقطاف للتفاح مباشرة من البساتين، من تنظيم أدلّاء سياحيين من جمعية «درب الجبل اللبناني» إلى جانب شباب وصبايا من بسكنتا. وتتضمّن المشاوير تعريف المشاركين بتاريخ البلدة وأبرز معالمها، والمرور بـ «درب بسكنتا الأدبي»، وهو مسار تتفرد به هذه البلدة بين بقية القرى والبلدات اللبنانيّة على مسار درب الجبل اللبناني، لوفرة أهل الفكر فيها حيث سيتعرّف المشاركون إلى أسماء أدبية وثقافية من البلدة. في هذا الإطار، تلفت كرم إلى أنّ «الحجز ضروري لمن يرغب من أفراد ومجموعات بالمشاركة في الهايكينغ وقطاف التفاح... والانطلاقة ستكون عند الساعة العاشرة صباحاً، لكننا منفتحون لتنظيم رحلات في أوقات أخرى، فيما النقليات مؤمّنة لمن يرغب».
وتشير إلى أنّ أعداد المشاركين هذا العام كبيرة للغاية، و«أصبحت الحجوزات بالمئات، حتى أنّ الغرف المتوافرة في دير مار ساسين الذي فتح أبوابه لاستضافة المشاركين قد امتلأ قبل أيام من بداية الحدث. طبعاً، هناك عدد من بيوت الضيافة وفندق في بسكنتا جاهزة لإيواء الضيوف». وسيكون الطعام متوافراً أيضاً، سواءً من خلال المطاعم أو الأكشاك التي تقدّم أصنافاً من مطابخ مختلفة».
* «مواسم التفاح»: بدءاً من اليوم الجمعة حتى بعد غدٍ الأحد ــ بسكنتا (قضاء المتن). للاستعلام: 04/288293