تونس | منذ يوم الجمعة الماضي، تحتضن «مدينة الثقافة الشاذلي» في تونس معرضاً تشكيلياً بعنوان «الفن التشكيلي الفلسطيني»، يضمّ أعمالاً لفنانين من تونس وفلسطين والجزائر. قدّمت الفنانة التشكيلية وأستاذة الفلسفة المعاصرة في جامعة تونس، فوزية ضيف الله، قراءة أثناء الحدث المستمرّ حتى نهاية شهر تشرين الأوّل (أكتوبر) الحالي (وقد يُمدّد)، الذي ينظمه «متحف تونس للفن المعاصر» بالاشتراك مع «مسرح أوبرا تونس»، في سياق الحراك الثقافي والإعلامي المساند للفلسطينيين الذين يخوضون معركة «طوفان الأقصى» ويتعرّضون منذ عشرة أيام إلى إبادة ومحاولات تهجير جديدة.
بوستر المعرض

أجرت ضيف الله مداخلة بعنوان «تجليّات الالتزام في الفن التشكيلي الفلسطيني»، ركّزت فيها على مفهوم الالتزام وتاريخيّته، معتبرةً أنّه في العالم العربي متربط بالأدب الفلسطيني، وأشارت إلى أنّه ظهر فعلاً مع رواية «رجال في الشمس» لغسان كنفاني، فيما ارتقى محمود درويش بقصيدة الحب إلى آفاق رمزية لفكرة الالتزام. أما أدونيس، فيرى أنّ الالتزام الأدبي يتحقق داخل اللغة التي لا بد من «تثويرها وإعادة كتابتها». ولا يمكن أن ننسى إرساء سارتر لمفهوم الالتزام في الأدب، وهو ما نقله إلى الماركسية ضد الاحتلال النازي. وكانت التجارب الموسيقية لكلّ من الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم في مصر، وناس الغيوان وجيل جلالة في المغرب، والهادي قلة في تونس، وسميح شقير في سوريا، قادرة على التأثير والتغيير. وتابعت ضيف الله: «يتجنب نقاد كثيرون الحديث عن العلاقة الشائكة بين الفن والالتزام. فهو مفهوم متعدد المعاني والدلالات، وينبغي حمايته من الاستعمالات الأيديولوجية، ولا يمكن أن نعوّل على الإجابات الجاهزة للخروج من هذا السؤال. عادةً ما يُربط الالتزام في الفن العربي باليسار السياسي ومطلبية العدالة والرغبة في التحرر من الأنظمة المستبدّة».
يشارك في هذا المعرض الفنانون التونسيون محمد الزواري، وسرحانة قلصي وصادق قمش وعلي عيسى وشكري الفاسي ومراد رداوي. ومن فلسطين، تحضر أعمال بهاء البخاري وسمير سلامة وبشار الحروب، بالإضافة إلى الجزائري رشيد قريشي. علماً أنّ الأعمال كلها التي سيستمتع بها الزوّار من رصيد وزارة الثقافة التونسية.
علماً أنّ فوزية ضيف الله تحدّثت أيضاً عن الفن التشكيلي الفلسطيني اليوم والتزامه بالقضية الفلسطينية، مؤكّدةً أنّ «فنانين فلسطينيين تسلّموا المشعل، وما زالوا يواصلون التزامهم بالقضية»، مشيرةً في الوقت نفسه إلى أنّ الاختيارات التشكيلية المعاصرة شاهدة على الطاقة الحيوية للفنانات والفنانين في فلسطين الذين يعيدون ابتكار طرائق النظر إلى أرضهم والتعبير عنها وتمثيلها في الفن. يذكر أنّ وزارة الثقافة في تونس ألغت الأنشطة الاحتفالية المقرّرة كلها في ظلّ استمرار الحرب على غزّة.