على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

أكذبُ لو قلت لكم إنّني أحببت جو بادين من قبل. لم أحبّه يوماً. تابعتُه منذ قدومي إلى أميركا ووجدتُ فيه سياسيّاً منافقاً طموحاً يخلو من المبدئيّة. ليس من صداقة بيني وبينه كما بينه وبين جنبلاط (بناءً على ثلاثة لقاءات، أو أقلّ). كان يُزايد في دعم إسرائيل. تُريد إسرائيل 50 طائرةً؟ فلا يقبل بأقلّ من 80، وهلم جرّا. في جلسة للجنة الشؤون الخارجيّة في مجلس الشيوخ، ذات مرّة، كان هناك شهود خبراء في السياسة الخارجيّة. عرفتُ أحدهم وسألتُه عن التجربة. فقال لي: دعاني بايدن للغداء بعد الجلسة. قلتُ له: أكيد هو من هؤلاء الذين يذمّون إسرائيل في السرّ ويمدحونها في العلن. قال: لا، على العكس. كان أشدّ مناصرةً لإسرائيل في الجلسة الخاصة وحرّضني على تغيير رأيي تجاهها. والرجل كاذب إذ سرق أوراق غيره في كليّة الحقوق كما سرق خطاباً شهيراً لنيل كينيك في عام 1988، ووقعت فضيحة اضطرّ بعدها للانسحاب من الترشح الرئاسي في حزبه. لم أنتخبه طبعاً، لكنّني لم أنتخب أحداً في السنوات الأربعين التي قضيتها هنا. (وعندما طلب مني حزب الخضر قبل سنوات الترشّح لمجلس الشيوخ رفضتُ وقلت لقائده الراحل بيتر كاميو: لا يمكن أن أصوّت لنفسي.) لكن تغيّر موقفي من بايدن. وجدتُ فيه اليوم رجلاً إنسانيّاً خلوقاً ومبدئياً. نقلت عنه «نيويورك تايمز» قوله إنّه لا يولي حرب أوكرانيا على حساب حرب إسرائيل أو العكس. الرجل لا يفضّل حرباً على أخرى من حربَيْه. كيف لا تحبّه عندما تقرأ كلامه؟ الرجل الذي لا يفاضل بين حروبه هو مثل الأب الذي لا يفاضل بين أولاده. هذا موقف أخلاقي. جو بايدن يريدنا أن نعرف أنّ موقفه من حروبه لا يختلف عن الأب الحنون الذي يحب أولاده بالتساوي. هذا الموقف غيّر انطباعي عن الرجل وبتُّ أنظر إليه مثل الأب الصالح. لكنّه خالف موقفه الحنون عندما نقل من شحنة أسلحة إلى أوكرانيا، قنابل لمدفعيّة عيار 155 إلى إسرائيل. هذه ستهطل علينا من الأب الحنون.

0 تعليق

التعليقات