على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

أصبح أبو عبيدة ظاهرة في العالم العربي. انتشرت صوره على ملصقات ولافتات كبيرة في كل أنحاء لبنان (باستثناء بعض المناطق ذات الحساسيّات الطائفيّة والكانتونيّة). ولو كان العالم العربي كلّه حرّاً، لكانت صوره قد ملأت كل عواصم العرب. نقل بسام بدارين (مراسل «القدس العربي» في عمّان) عن أحدٍ قوله إنّ أبو عبيدة يستطيع أن يفوز في أي انتخابات في العالم العربي. والفدائي الملثّم ليس شخصيّة جديدة في تاريخ الثورة الفلسطينية. قد لا يعلم بعضكم أنّ ياسر عرفات كان ملثّماً حتى أواخر الستينيّات (وبنظّارات سوداء). وكان هو المتحدّث الرسمي باسم حركة «فتح»، وكان يجول على مكاتب الصحف ويترك بيانات ومناشير تتضمّن إعلان مسؤوليّة «فتح» عن أعمال فدائيّة (حدثت أو لم تحدث) في فلسطين المحتلّة. وكان عرفات يحبِّذ أن تعلن «فتح» مسؤوليّتها عن العواصف والأعاصير والزلازل هناك. لكنّ أبو عبيدة غير عرفات، بات شخصيّة ترتبط بعمل يعتبره معظم العرب محموداً، وبعمليّة ضخمة هزّت أركان الكيان، لا تُقارَن بعمليّات محدودة وفاشلة في زمن منظمة التحرير. يرمز أبو عبيدة إلى مرحلة أكثر جديّة وأقل استعراضيّة من زمن ماضٍ. العمل العسكري الفعال حلّ مكان الهوبرة والاستعراض. وظاهرة شعبيّة أبو عبيدة دليل على فشل ذريع للمؤامرة الأميركيّة ــ الإسرائيليّة الدعائية. كان الغرض (وهذا ورد في تسجيل مُسرّب لقائد صهيوني) أن تتم مساواة حماس بـ«داعش» لتنفير العرب والجميع منها، لكن المسعى فشل خارج دول الغرب. في العالم العربي، لم يحقق أسامة بن لادن أو «داعش» شعبيّة، وخصوصاً أنّ الحركتَيْن الجهاديّتَيْن امتنعتا عن مهاجمة أيّ أهداف إسرائيليّة وتخصّصتا في مهاجمة وقتل المسلمين. لا يقبل العربي بالتصنيف نفسه لـ «حماس»، ولو كان لديه اعتراض على أدائها. بروز أبو عبيدة هو نقيض ظاهرة الفدائي في الستينيّات، لأنّ التجربة الحاليّة تعلّمت من الأخطاء الكارثيّة للتجربة الماضية. كنّا في الماضي نسخر من المضمون الدعائي الرثّ في إعلام منظمة التحرير، واليوم نسخر من المضمون الرث والمقيت لبروباغندا العدوّ. لا تشعر الأنظمة بالراحة لظهور أبو عبيدة هذا على المواقع وفي بعض الشوارع. تشعر أنّه يطاردها.

0 تعليق

التعليقات