على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

أنصار الله (أو الحوثيّون) تجربة سيتذكرها التاريخ. سيأتي يومهم، وعندها سيتعلّم الشباب العربي الكثير عن بطولات أسطوريّة من مجموعة صغيرة قارعت «الشرعيّة الدوليّة» الخبيثة. هم ليسوا قريبين جغرافيّاً من المراكز الإعلاميّة أو من المشرق الذي يصوغ شعارات النضال والصراع، لكنّهم يسجّلون خوارق ومعجزات كلّ يوم. في البداية، تعترف «ويكيليكس» بأنّهم لم يكونوا حلفاء لإيران، وهناك خلافات عقائديّة تفصلهم. ولديهم شعار منفّر يستمطر اللعنة على اليهود. لكن الذي يتابع صحفهم يلاحظ أنّ الخطاب الحوثي تغيّر وتأثّر، ليس فقط بتجربة حزب الله في التطوّر، بل بالخطاب اليساري العالمي. هؤلاء، مثل الفيتكونغ، صارعوا قوى عالميّة: السعودية والإمارات والسودان وأميركا وبريطانيا وإسرائيل. لكنهم لم يُهزَموا وأجبروا عدوَّهم، النظام السعودي، على الجلوس معهم للتفاوض والتنازل. مسيرات وتظاهرات فلسطين في اليمن المحاصر تشعُرنا بالخجل الشديد. ليس هناك في حجمهما في كل العالم العربي. هل ينبع تعاطف أهل اليمن مع فلسطين من المشاركة في تجربة الحصار والمعاناة والجوع؟ سعرات أهل اليمن الحراريّة يحدّدها الأعداء تماماً مثل أهل غزة. والآن، دخلت ملحمة الحرب اليمنية مرحلة جديدة بإعلان الحرب ضد السفن المتّجهة إلى إسرائيل. يُناطح اليمن العالم ولا يكترث. كما أنّ طريقتهم في النضال أكثر مرحاً من تجربة «حماس» والحزب. هؤلاء يرقصون الدبكة فوق العلم الإسرائيلي وهم يلوّحون بالبنادق الرشاشة. هؤلاء صادروا سفينة بحالها ودعوا الناس إلى الرقص على متنها ابتهاجاً. هم يناضلون ويحاربون بشدّة، لكن يمزجون نضالهم بالمرح والفكاهة. العالم العربي محكوم من سلالتَيْن خليجيّتَيْن ولا ينقل الإعلام الكثير عن حرب اليمن إلا عن بطولات الأيام الأولى من «عاصفة الحزم» التي كان مقدّراً لها أن تنتهي في غضون أيّام (تذكرون شعار «إنّها عاصفة الحزم يا عزيزي»؟). أنصار الله تفوّقوا على أعتى حرب واجهت اليمن في تاريخه. وقد تعلّموا من تجربتهم في الحكم، فكسبوا مرونة وليناً لم يكونا مألوفَين بالنسبة إليهم من قبل. فاجأ اليمن العالم وتبدو دول الغرب في حيرة من أمرها في التعامل معه.

0 تعليق

التعليقات