على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

«حماس» تجنّد في لبنان. هكذا كانت العناوين في لبنان عندما أعلنت الحركة تشكيل ما أطلقت عليه اسم «طلائع طوفان الأقصى». لم يكن البيان عسكريّ الطابع، بل تحدّث عن تجنيد طاقات وقدرات من أجل خدمة القضيّة الفلسطينيّة. كانت الردود قاسية من قبل معظم عناصر المروحة السياسيّة، بقيادة اليمين اللبناني الانعزالي الذي تربّى في معسكرات التدريب الإسرائيليّة. الغريب أنّ خرّيجي دورات التدريب الإسرائيليّة (من سمير جعجع إلى جورج عدوان إلى أكثر من جيل كتائبي) لا يتورّعون عن إسداء النصح في ما يتعلّق بعلاقة لبنان بالقضيّة الفلسطينيّة. لو كانت النيّة سيّئة، وهي كذلك، لقال المرء إنّ هؤلاء يتحرّكون بأوامر إسرائيليّة ويخدمون المجهود الحربي الإسرائيلي عبر تصريحاتهم ومواقفهم وتغريداتهم. لا يمكن أن تجد تغريدة واحدة لسامي الجميّل أو لألبير كوستانيان أو لحزب الكتائب لا تتطابق مع الأجندة الدعائيّة لإسرائيل. لكن، للإنصاف، قد يكون ذلك محض صدفة، لأنّ هناك توارد في الخواطر بين الناس. مثلاً، رأى بيار الجميّل خطر المقاومة الفلسطينيّة واليسار اللبناني في الوقت نفسه الذي شنّت فيه إسرائيل حملة ضدّهما. ما جرم «حماس»، وما الذي فعلته؟ أرادت أن تستفيد من زخم التأييد الشعبي من أجل خدمة القضيّة. وبعض الذين اعترضوا وثاروا فضحوا نفاقهم: تؤيّدون القضيّة الفلسطينية لفظياً وتعترضون إذا اقترح أحدهم عملاً مفيداً للقضيّة؟ لم يتحدّث أحد عن إعادة تجربة «منظمة التحرير» التي باءت بالفشل لأنّ قوّاتها انتهت مُرحَّلة عن لبنان. لكن ما ضير الاستفادة من العواطف والأحاسيس الجيّاشة حول فلسطين للقيام بنشاطات تخدم القضيّة؟ والمخيّمات الفلسطينيّة، بالتوافق مع السلطات اللبنانيّة المتعاقبة، أسيرة مخطّط إماراتي دحلاني ووجود مقيت لسلطة أوسلو. الاشتباكات التي دارت في عين الحلوة قبل هجوم غزة هي مثل الاشتباكات التي كانت تحدث في الجنوب قبل غزو إسرائيل للبنان. المؤامرة مستمرّة ولبنان يؤيّد فلسطين (لفظاً) على ألّا يؤيّد فلسطين (فعلاً). إنّه حياد البطريركيّة الذي رافقنا منذ أن تملّص لبنان من مسؤوليّاته العربيّة المشتركة في حرب 1948.

0 تعليق

التعليقات