على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

لا يزال المؤرّخ أنطوان الدويهي يُعاني من رهاب الشيعة. لقد استخلص من متابعته للشأن اللبناني أنّ الشيعة مفصولون عن وطنهم. هناك في اعتباره دولتان: دولة لبنان الكبير، وفي مقابلها هناك دولة الشيعة (يسمّيها «دولة الثنائي»، لأنّ هذا الوصف ليس له دمغة طائفيّة). والدويهي لا يكنّ كراهية للشيعة أبداً. وقد كتب للجريدة أنّ لديه أصدقاء شيعة، كما شهدَ وزير خارجيّة هتلر، فون ريبنتروب، في محكمة نورمبرغ أنّ لديه أصدقاء يهود. ويتحدّث الدويهي في مقالة أخيرة له عن نعمة الحريّة في لبنان، والتي يهدّدها الشيعة (باستثناء ذلك الذي نال 62 صوتاً في انتخابات نيابيّة). حديث الدويهي عن نعمة الحريّة في جريدة محمد بن سلمان، «الشرق الأوسط»، جميل للغاية وخالٍ من المفارقات. كأن أكتب مقالة في مديح الفكر اللاديني في جريدة إيرانيّة. يتحدّث عن حريّة المدارس للجميع. لا يكترث أنّ المدارس الإرساليّة المفتوحة له تأسّست من أجل تنصير المسلمين في لبنان والشرق. هذا هامشي في المهمّة. ولا يكترث أنّ النخبة المارونيّة الحاكمة قبل الحرب عارضت تعليم المسلمين، لا بل رفضت لسنوات معادلة شهادة التوجيهيّة لهم، كما أنّها عارضت إنشاء كليّة حقوق في الجامعة اللبنانيّة لحصر المهنة بغير المسلمين، كما كان سائداً. هذه الطائفيّة الصارخة لا تعنيه ولا تزعج ليبراليّته المُعلنة. والدويهي يزهو بمساهمة لبنانيّين في علم الاستشراق الغربي: أي علم معاداة الإسلام والعرب، وعلم اعتناق فكر الاستعمار. يا لفخر بلد الأرز والحريّة. أما عن مساهمة لبنانيّين في النهضة المشرقيّة، فهنا ندخل في أساطير. يستشهد بالرحالة الغربيّين الذين انبهروا بالشعب اللبناني. لا يهمّه ما قالوه عنّا من ذم وتحقير وملاحظات عن أوساخنا. المهم انبهروا. ويطمس كل إنجازات مصر وسوريا وتونس في النهضة ليحصرها بلبنان (غير الشيعي). ما دليله على عدم مساهمة مصر؟ جملة لألفونس دو لامارتين. تكفي شهادة الرجل الأبيض. ويذكر كالعادة مساهمة لبنانيّين في إنعاش أو الحفاظ على اللغة العربيّة بعد «عصر الانحطاط». أذكر مرّة أخبرنا ألبرت حوراني أنّه وضع كتابه في تاريخ العرب لنقض فكرة «عصر الانحطاط».

0 تعليق

التعليقات