على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

من مصلحة النظام العربي الرسمي أن تنهزم «حماس». فانتصارها تثوير للواقع العربي برمّته لأنّ «حماس» المنتصرة ستكون مختلفة عن «حماس» التي مثّلها على مدى سنوات خالد مشعل. «حماس» الداخل هي غير «حماس» الخارج. والخارج لم يعد مؤثّراً. انتصار «حماس» سيُقلق النظام العربي مثلما أقلقها منذ ما قبل صعود المقاومة الفلسطينيّة. لكنّ هذه المقاومة تختلف كثيراً عن مقاومة الأمس، لأنّها جديّة وحازمة وتُخيف العدوّ، ولا تُزعجه فقط. انتصار «حماس» سيشكِّل انتصاراً لمحور المقاومة الذي يقف في مواجهة محور الرياض ــ تل أبيب. والمهادنة بين السعودية وإيران كان مأمولاً منها أن تسهّل التطبيع بين السعودية وإسرائيل من دون احتجاجات من إيران وحلفائها. وبدرجة ما قطفت السعودية ثمار هذه المهادنة (كما أنّ إعلام المحور المقاوِم هادن السعودية فيما بقي إعلام السعوديّة على حاله من الخُبث والصهيونيّة والتحريض ضد إيران وكلّ حلفائها). جرّبت قطر مهادنة السعودية، فجنت حصاراً وحرباً خانقة لم تُنهها إلا الإرادة الأميركيّة الآسرة. نصر «حماس» تعزيز لمنطق مقاومة إسرائيل من كل العرب، وهذا سينشر ثقافة العداء لإسرائيل بعد عقود من ضخّ ثقافة مهادنة إسرائيل والتطبيع معها. هزيمة «حماس» ستعزّز من منطق التطبيع وستدع الأنظمة العربيّة تستفرد بكل وجودٍ لـ «حماس» وسيعمدون إلى نشل سلطة رام الله من مستنقعها وتمويلها لتصبح الناطق الرسمي الوحيد باسم الشعب الفلسطيني، بعد منح قادتها وأولادهم ما يلزم من المال. تعلم إسرائيل وأميركا ذلك. ولذلك، فإنّ استمرار الحرب دليل تعثّر. يريدون هزيمة «حماس» ولا يعرفون كيف يهزمونها. كانوا يتوقّعون أن يخرج السنوار بعد يومَين من القصف رافعاً يدَيه، لكن هذا مُحال. لا يعلم العدوّ، وحلفاؤه من العرب، أنّهم يتعاملون مع طينة مختلفة من الناس. هؤلاء لا ينحنون مع العاصفة، ولا يرضخون للضغط. هؤلاء يخرجون من كل معركة أقوى وأصلب من قبل. هزيمة «حماس» لن تحصل مهما كانت نتيجة الحرب، لأنّها مرتبطة بالعاطفة السياسيّة للشعب الفلسطيني، والتي هجرت قيادة أوغاد السلطة المرتهنين لأميركا وإسرائيل.

0 تعليق

التعليقات