على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

يُمكن بعد كلّ هذه الأسابيع الدامية من الحرب الإباديّة التي تخوضها إسرائيل، بالتشارك التام مع كل حكومات الغرب (من دون استثناء، وكلمة هنا من رئيس وزراء إسبانيا أو إيرلندا لا تقدّم ولا تؤخّر)، أن نستخلص أنّ ردّ فعل ما يُصطلح على تسميته، استشراقيّاً، بـ «الشارع العربي» كانت مخيّبة للغاية. يسهل على المغترب إصدار الأحكام عن بُعد، لكن أليس الواجب مصارحة العرب بما يراه العربي من أيّ مكان؟ أميركا تتحرّك بردود الأفعال الصاخبة ولا شك في أنّ ردود الأفعال القوية والعنيفة على حرق القرآن أثّرت على حكومات الغرب، كما أنّ رد فعل المسلمين على نشر رسوم الرسول أثّرت هي أيضاً على الحكومات. إنّ التظاهرات العارمة ضد سفارات الغرب تشكّل عناصر ضغط قويّة. وليس من المبالغة القول إنّ غياب التظاهرات أمام السفارات الأميركيّة في العالم العربي والإسلامي (باستثناء عمّان وجاكرتا وتونس) أعطى لبايدن هامشاً أكبر لإطلاق اليد الإسرائيلية كي تستمر في مجازرها. أميركا تتأثّر بتأثّر مصالحها، وهي حتى الساعة ترى أنّ ردود الأفعال العربيّة أقلّ من التوقّعات. المفاجأة الكبرى حتى الآن كانت في الضفة الغربية. هل يُعقل أن تكون تظاهرات اليهود التقدميّين في نيويورك ضد إسرائيل أكبر من تظاهرات رام الله ضد حرب الإبادة؟ نفهم أنّ عمليّة إسقاط عصابة السرقة والتنسيق الأمني صعبة للغاية بوجود جيش مُكرِّس للقمع الداخلي، لكن التظاهرات التي حدثت في الضفة لم تتخطَّ العشرات في تعدادها. ماذا حلّ بالزخم الجماهيري الشعبي الذي كان يحرّك الجماهير في العالمَيْن العربي والإسلامي؟ كان وزراء الخارجيّة الأميركيّون يتحاشون زيارة العواصم العربيّة خوفاً من التظاهرات الغاضبة. عندما زار جون فوستر دالاس لبنان في عام 1953، أمطروا موكبه بالحجارة والطماطم. وألغى هنري كيسنجر زيارته إلى بيروت والتقى بالمسؤولين في رياق بسبب التهديد الأمني. وعندما زار بلينكن المنطقة، أرسلت سلطة السرقة والتنسيق الأمني، حسين الشيخ (خليفة رئيس العصابة) كي يحتفي به. كان لدينا في لبنان جيش أنطوان لحد، لكن لم يكن يمرّ أسبوع أو يوم من دون اعتداءات على مراكزه وضبّاطه وجنوده.

0 تعليق

التعليقات