على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

لن نخرج، كعرب، سالمين من أهوال ما حدث ويحدث في غزة. لم نر النكبة بأم العين على الهواء مباشرة لكن الغضبة العربيّة كانت أكبر آنذاك، كما كانت المَذلّة. نحن كلّنا مصابون بصدمات نفسيّة من جرّاء حروب ومجازر واجتياحات إسرائيليّة متوالية. من كان في سنّي: شهد عدوانَي 1967 و1972 على جنوب لبنان. وبعد تلك السنة لم يتوقّف العدوان، من دون تعداد عمليّات التفجير الإرهابية التي لم تتوقّف. تُصاب بكرامتك عندما تصل قوّات خاصّة عدوّة إلى قلب بيروت وتمعن قتلاً واغتيالاً، فيما الجيش يرفض التدخّل (الجيش كان متواطئاً في كل سنوات ما قبل الحرب حتى الطائف). لن نتعافى من جراء ما نشاهد يوميّاً حتى لو لم يكن عندك إرسال تلفزيوني في المنزل. المَشاهد تلاحقك على مدار الساعة في مواقع التواصل. ثم تعلم أنّ هناك مِن بَني جلدتك مَن لم يتأثّر بتلك المشاهد. لبنان أسوأ بلد عربي في هذا الصدد: تتحدّث مع أصدقاء من مصر أو الأردن أو المغرب (وهي دول وقّعت اتفاقات سلام مع العدوّ)، وتدرك أنّ إجماعاً يسود في كل الدول على العداء لإسرائيل وتحميل إسرائيل وحدها المسؤوليّة. إلا في لبنان: تجد مجموعات متفرّقة وكلّها من نفس المصدر التمويلي الغربي أو/و الخليجي، ترفع شعارات تهدف إلى إراحة إسرائيل وإزعاج الجهة الوحيدة التي تردّ العدوان. الهزيمة بعد حرب تمّوز وسلسلة من غزوات إسرائيليّة فاشلة على غزة تمنعك من تقبّل معايشة هزيمة واحدة بعد. لا، عاصرنا 1967 و1973 (وهي نصر محتمل حوّله السادات إلى هزيمة) والهزيمة الكبرى في عام 1982. في عام 1982، لم تكن هزيمة أنظمة. لا، كانت هزيمة حركات تحرّر: منظمة التحرير (بكل عناصرها حتى الرفضيّة منها) والحركة الوطنية اللبنانيّة (بكل فصائلها حتى الثوريّة منها). تقلق وتخاف وتريد أن تتابع الأخبار، ثم لا تريد أن تتابع الأخبار كي لا ترى ما يصيبك بالإحباط. تعطي نفسك الأمل بالإسقاط على مجريات النكبة، ثم ترى الشباب العربي وهو يكتفي بالحنق على مواقع التواصل. لا يمكن أن نُهزَم في غزة.

0 تعليق

التعليقات