على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

لا أدري لماذا، لكنني كنتُ أقرأ في المجموعة الكاملة لمؤلّفات أحمد الشقيري. ربما لأنّني أفكّر كثيراً هذه الأيام في تاريخ الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة وتاريخ قادتها. تعرّض الشقيري للكثير من الذمّ والتقريع في زمانه، وخصوصاً بعد صعود حركة «فتح». حمّلوه مسؤوليّة الهزيمة في عام 1967، واتهمه العدوّ، كَذِباً، بأنّه هدّدَ برمي اليهود في البحر (عدوّنا وقح ويختلق أقوالاً وينسبها إلينا، وأمر العمليّات للقوات الجويّة الإسرائيليّة في حرب 1967 دعا إلى رمينا «في الصحراء»). نفى الشقيري التّهمة واعتزل الحياة السياسيّة بعد تسلّم عرفات منظمة التحرير. تفرّغ للكتابة بعدما كان متفرّغاً طوال حياته للخطابة. هناك الكثير من السّاسة الذين وجدوا أنفسهم في مكان لا يصلح لهم. مصطفى طلاس كان يجب أن يكون عنده برنامج تسلية ومنوعات، لا أن يتسلّم وزارة الدفاع. الشقيري كان يصلح كمدير برامج ومذيع في محطة راديو متخصّصة في فلسطين. يؤمن كثيراً بأهمية الكلمة، حتى باتت عنده الطريق الوحيد لتحرير فلسطين. يزهو كيف أنّه مسح الأرض بغولدا مائير في خطاب. عمل ديبلوماسيّاً لسوريا والسعودية، وكانت له صولات وجولات في الأمم المتحدة (يُخبرك عنها في كتبه). يروي أنّ كل الوفود العربيّة كانت تقاطع أعضاء الوفد الإسرائيلي باستثناء... شارل مالك الذي كان يصرّ على محادثة الإسرائيليّين رغم اعتراض أعضاء الوفود العربيّة (هذا الذي يقولون لنا عنه إنّه كان يدافع عن فلسطين). مات الشقيري حزيناً لأنّه شعر، عن حقّ، أنّه حُمِّل من المسؤوليّة أكثر مما استحقّ. كان أداة توفيق بين السعودية ومصر، وكان قريباً من النظامَيْن. صحيح أنّ له خطاب مهزلة في الأردن قبل أيام من النبكة، لكن هل إنّ معصية الشقيري أكبر من معصية عرفات الذي يتحمّل المسؤوليّة الكبرى عن هزيمة عام 1982، وهو الذي دفع ثمن رهانه على صدّام في عام 1990، وهو الذي قاد المنظمة إلى تهلكة أوسلو؟ ليست هذه دعوة إلى إنعاش ذكرى الشقيري، لكن متى يقرأ كلّ الشعب الفلسطيني كتاب محمد دلبح «ستون عاماً من الخداع»، عندها، نفكّ عن ظهر الشقيري كثيراً، لا قليلاً.

0 تعليق

التعليقات