على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

لا نستطيع أن نتنبّأ بنتيجة الدعوة المرفوعة من جمهوريّة جنوب أفريقيا ضدّ «دولة إسرائيل» الاحتلاليّة. العمليّة القضائيّة قد تستمرّ سنوات. لا، يجب أن نقول إنّ أميركا ستضمن أن تستمرّ العمليّة سنوات من المماطلة والتسويف (وستعمد أميركا إلى الضغط على 15 دولة ممثّلة في محكمة العدل الدوليّة، كما تفعل في مجلس الأمن والجمعيّة العامّة، مستعينة بالضغوط والتهديد والوعيد، على عادتها). وقرارات المحكمة غير قابلة للتنفيذ بغياب آليّة، والمحكمة الجنائيّة الدوليّة خُلقت كي تُسدّ هذه الثغرة، ولكنّنا رأينا كيف أنّ أميركا (وهي ليست عضواً فيها) تحرّكها مثل الأداة، وهي هدّدت مسؤوليها تهديداً شخصيّاً عندما فكّروا، مجرّد تفكير، بالتحقيق في قتل المدنيّين في أفغانستان من قبل القوّات الأميركيّة المحتلّة. في عام 1975، عندما صوّتت الجمعيّة العامّة (عندما كانت الدول النامية تملك حريّة التعبير في زمن الحرب الباردة) على قرار «الصهيونيّة هي عنصريّة»، صعد حاييم هرتزوغ (والد رئيس دولة إسرائيل الحالي) إلى المنبر ومزّقَ نسخة من القرار. ولحقه المندوب الأميركي وأعلن باسم الحكومة الأميركيّة أنّها لن تعير اعتباراً للقرار الأممي (وكان والد هرتزوغ، الحاخام هاليفي هرتزوغ، قد مزّق بدوره الورقة البيضاء التي أصدرتها الحكومة البريطانية بشأن فلسطين في عام 1939). ليس هناك من عدالة دوليّة: هذه كذبة اخترعتها دول الغرب كي تضفي مسحة أخلاقيّة على بطشها وعدوانها وظلمها حول العالم. الشرعيّة الدوليّة هي عصا غليظة يضرب الغرب بها دول العالم النامي. العدالة الدوليّة أنّ الغرب وإسرائيل يجيّشان الأمم المتحدة كي تُنشئ محكمة خاصّة بلبنان (وتجبر الشعب اللبناني على إنفاق الملايين لتمويلها) انتقاماً لاغتيال رفيق الحريري. رفيق الحريري استحقّ من العدالة الدوليّة هذه محكمةً خاصّةً به فيما أكثر من عشرين ألف ضحيّة في غزة لا يستحقّون حتى تحقيقاً جنائيّاً في قتلهم (في المناسبة، ماذا تقول واقعة الإنشاء لمحكمة خاصّة برفيق الحريري من قِبل إسرائيل وأميركا عن رفيق الحريري ودوره؟)، ولكنّ رمزيّة دعوة جنوب أفريقيا هائلة: هي تدشين لبروز جنوب أفريقيا كالقوّة الأخلاقيّة الأولى في العالم وهي كسر الاحتكار الأخلاقي المنافق للغرب.

0 تعليق

التعليقات