على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

بالنسبة إلى وثيقة «حماس» المهمّة «هذه روايتنا... لماذا طوفان الأقصى؟»، يلفتُ القارئ أنّ الحركة تتجنّب، مرّة أخرى، الدخول في صراعات مع الأنظمة العربيّة. هي تلتزم، بصرامة، عدم التدخّل في الشؤون الداخليّة للأنظمة العربيّة. وهذه السياسة ليست بجديدة، إذ إنّ حركة «فتح» كانت السبّاقة في رفع شعار «كل البنادق نحو العدوّ الصهيونيّ»، في ردّ على منطق «الجبهة الشعبيّة» في شمل عدد من الأنظمة العربيّة «الرجعيّة» ضمن معسكر الأعداء. والسياستان فشلتا فشلاً ذريعاً من التنظيمَيْن. لم تلتزم حركة «فتح» أبداً بسياسة عدم التدخّل في الشؤون الداخليّة للدول العربيّة، لا بل كانت تقبض ثمن تدخّلها أو عدمه. «فتح» سلّمت المعارض السعودي ناصر السعيد للنظام السعودي، وتدخّلت في شؤون لبنان والأردن أثناء الإقامة فيهما، وكان تدخّلها أحياناً لمصلحة النظام أو ضدّه وفقاً لحسابات عرفات. وهي دخلت في الصراعات بين الأنظمة، فانحازت إلى العراق ضد سوريا، ثم إلى سوريا ضدّ العراق، أو مع المعارضة الليبيّة ضد القذّافي، أو مع صدّام ضد الكويت، والتزمت عموماً بالحرص على عدم إقلاق راحة أنظمة الخليج (لكن «فتح» جبهة عريضة غير متراصّة، وبعض أجنحتها أقامت علاقات مع معارضات خليجيّة، وكان عرفات أو غيره من القادة يقبض ثمن وقف دعمها). «الجبهة الشعبيّة» أخطأت هي الأخرى: وديع حدّاد نفّذ عمليّة أوبيك لمصلحة القذّافي، كما أنّ الجبهة الأمّ غرقت في الصراعات بين الأنظمة (مع نظام صدّام ضد خصومه أو ليبيا ضد خصومها) إلى درجة أنّ الالتزام بأجندة الأنظمة المُموِّلة صرفها عن التركيز على تحرير فلسطين، والنظام العراقي قضى على «جبهة الرفض» بقرار منه وانصاعت الجبهة. «حماس» تعرّضت لحملات قاسية في السعودية والإمارات (التي سمحت باغتيال المبحوح) من دون أي اعتراض. هي فقط ماشت المعارضة المسلّحة في سوريا، ما أدّى إلى طردها من البلد. السعودية والإمارات تقودان معسكر التحالف مع إسرائيل و«حماس» (لو أرادت قيادة التحرير الفلسطيني) لا تستطيع أن تبقى صامتة. أجندة تحرير فلسطين لا يمكن أن تتغاضى عن اتفاقيات أبراهام.

0 تعليق

التعليقات