(هذه المقالة ليست أبداً عن البطريرك الراعي أو عن المطران عودة، وأيّ تشابه بين ما يأتي وبينهما هو محض صدفة. الرجلان مُحترمان محليّاً ودوليّاً، يحتلّان مواقع مرموقة في قلوب السفارات الغربيّة والمتموّلين، وخصوصاً من أبناء الطائفة).قتلَ العدوّ أكثر من 26 ألفاً من الفلسطينيّين اثناء حرب الإبادة في غزة. والعدوّ يجهد لتفسير قتل هذا العدد الهائل من الضحايا المدنيّين، واضطُرّ لأن يدافع عن نفسه في وجه تهمة الإبادة التي تقدّمت بها دولة جنوب أفريقيا. السفارات الإسرائيليّة في العالم تلجأ إلى الأكاذيب التقليديّة نفسها، وتكرِّر معزوفة: «المقاومون يستخدمون دروعاً بشريّة» مع أنّ الدليل الوحيد على استخدام الدروع البشريّة، حرفياً، في الصراع بين إسرائيل والفلسطينيّين هو صور مثبتة لأطفال وأولاد ربطتهم قوّات الاحتلال على آليات عسكريّة كي تحمي جنودها من نيران المقاومة. بطريرك كنيسةٍ ما في دولة خيالية (لنسمِّها «دولة أشجار السنديان») يُكرّر دعاية العدوّ ويتهم أهل الجنوب (هناك شمال وجنوب في الدولة الخياليّة) بأنهم يستخدمون الأهالي (أي أنفسهم) دروعاً بشريّة. عادة، وصف الدروع البشريّة يفرّق بين المقاومين والأهالي، لكن البطريرك المذكور (المفتون بأفسد الفاسدين في الاقتصاد في بلد السنديان، حتى حاكم مصرفه المركزي الموغل في الفساد والهارب من عدالة محليّة وأوروبيّة) يتهم المقاومين المحليّين بأنهم يستخدمون الأهالي كدروع بشريّة. لا، ويزعم رجل الدين هذا (وهو في أعلى السلّم في كنيسته) بأنه يتلقّى رسائل سريّة من أهالي طائفته يعبّرون فيها عن شدة اختلافهم في الثقافة عن أهل بلدتهم، وأنهم يعتبرون مَن يختلف معهم في الدين بأنه متخلّف وغير متحضّر. الانتماء الطائفي يؤمّن الحضارة والرقيّ في بلد السنديان. ورجل دين آخر (وهو متيّم جداً بآل المرّ ــ وهم غير آل المرّ في لبنان ـــ لسجلّهم الطويل في عمل الخير والإحسان) أفتى بأن على لبنان ألا يضحّي أبداً من أجل قضيّة. هذا، هل قرأ إنجيله؟ لا، وقال إن على لبنان عدم ربط نفسه بأي قضيّة «مهما كانت محقّة». الواعظ الأخلاقي هذا يُفرِغ الدولة من أي مضمون أخلاقي. يرى الدولة المثاليّة غير فاضلة.